فأوحشوا بينه وبين قراسنقر صاحب أذربيجان، فأقبل قراسنقر في العساكر الكثيرة، وقال: إما يحمل رأسه إلي أو الحرب، فخوفوا السلطان مسعود من حادثة لا تتلافى، ففسح لهم في قتله على كرهٍ شديد، فقتله تتر الحاجب، وحمل رأسه إلى قراسنقر، واستولت الأمراء على مغلات البلاد، وعجز مسعود، ولم يبق له إلا مجرد الاسم.
وفيها خرج خوارزم شاه عن طاعة السلطان سنجر، فسار سنجر لحربه فقاتله وهزم جيوشه، وقتل في الوقعة ولدٌ لخوارزم شاه، ودخل سنجر خوارزم، فأقطعها ابن أخيه سليمان بن محمد، ورتب له وزيرًا وأتابكًا، ورد إلى مرو، فجاء خوارزم شاه، وهرب منه سليمان، فاستولى على البلاد.
وفيها قتل شهاب الدين محمود، وأحضروا أخاه محمدًا من بعلبك، فتملك دمشق، فجاء زنكي الأتابك، فأخذ بعلبك بعد أن نصب عليها أربعة عشر منجنيقًا ترمي ليلا ونهارا، فأشرف أهلها على الهلاك، وسلموا البلد، وعصى بالقلعة جماعة من الأتراك، ونزلوا بالأمان، فغدر بهم وصلبهم، فمقته الناس وأبغضوه، ونفر منه أهل دمشق وقالوا: لو ملك دمشق لفعل بنا مثل ما فعل بهؤلاء.
وفي صفر كانت زلازل هائلة بالشام والجزيرة، وخرب كثير من البلاد لا سيما حلب، فلما كثرت عليهم خرج أهلها إلى الصحراء، قال ابن الأثير: عدوا ليلةً واحدة أنها جاءتهم ثمانين مرة، ولم تزل تتعاهدهم بالشام من رابع صفر إلى تاسع عشره، وكان معها صوت وهدة شديدة.
[سنة أربع وثلاثين وخمسمائة]
في رجب عقد السلطان مسعود على بنت المقتفي لأمر الله.
وتمكن الوزير أبو القاسم بن طراد من الدولتين تمكنًا زائدًا، ثم وقعت وحشة بينه وبين الخليفة.
وتوفي رجلٌ مبارك من أهل باب الأزج نودي عليه، واجتمع الناس في مدرسة الشيخ عبد القادر للصلاة عليه، فلما أريد غسله عطس وعاش.