وعنه قال: العلم الّذي لا ينتفع به صاحبه: أن يكون الرجل عالمًا، ولا يكون عاملًا، ثمّ أنشد لنفسه:
علمت ما حلّل المولى وحرَّمه فاعمل بعلمك، إنّ العلم للعمل وقال: الجاهل بالعالم يقتدي، فإذا كان العالم لا يعمل، فالجاهل ما يرجو من نفسه؟ فالله الله يا أولادي، نعوذ بالله من علم يصير حجَّةً علينا.
وقيل: إنّ أبا نصر عبد الرّحيم ابن القشيريّ جلس بجنب الشّيخ أبي إسحاق، فأحسّ بثقل في كمّه، فقال: ما هذا يا سيّدنا؟ قال: قرصي الملاّح. وكان يحملهما في كمّه طرحًا للتكلُّف.
قال السّمعانيّ: رأيت بخطّ أبي إسحاق في رقعة: بسم الله الرحمن الرحيم، نسخة ما رآه الشّيخ السّيّد أبو محمد عبد الله بن الحسن بن نصر المزيديّ، أبقاه الله: رأيت في سنة ثمانٍ وستّين وأربعمائة ليلة جمعة أبا إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزاباديّ - طوَّل الله عمره - في منامي يطير مع أصحابه في السماء الثالثة أو الرابعة، فتحيرت، وقلت في تفسير هذا: هو الشيخ الإمام مع أصحابه يطير، وأنا معهم استعظامًا لتلك الحالة والرّؤية. فكنت في هذه الفكرة، إذ تلقى الشّيخ ملكٌ، وسلَّم عليه، عن الرّبّ تبارك وتعالى، وقال له: إنّ الله تعالى يقرأ عليك السّلام ويقول: ما الّذي تدرَّس لأصحابك؟ فقال له الشّيخ: أدرَّس ما نقل عن صاحب الشَّرع.
فقال له الملك: فاقرأ عليَّ شيئًا لأسمعه. فقرأ عليه الشّيخ مسألةً لا أذكرها، فاستمع إليه الملك وانصرف، وأخذ الشّيخ يطير، وأصحابه معه. فرجع ذلك الملك بعد ساعة، وقال للشّيخ: إنّ الله يقول: الحقُّ ما أنت عليه وأصحابك، فادخل الجنّة معهم.
وقال الشّيخ أبو إسحاق: كنت أعيد كلّ قياسٍ ألف مرّة، فإذا فرغت، أخذت قياسًا آخر على هذا، وكنت أعيد كلَّ درسٍ مائة مرّة، فإذا كان في المسألة بيتُ يستشهد به حفظت القصيدة الّتي فيها البيت.
كان الوزير عميد الدّولة بن جهير كثيرًا ما يقول: الإمام أبو إسحاق وحيد عصره، وفريد دهره، ومستجاب الدّعوة.
وقال السّمعانيّ: لمّا خرج أبو إسحاق إلى نيسابور، خرج في صحبته