لي عنكما، وإني سأزوجكها لأجل النظر فقط، فاحذر أن تخلو بها، فزوجه بها على هذا الشرط، ثم تغير عليه.
واختلفوا في سبب هذا التغير، فقيل: إن عباسة أحبت جعفرا وراودته فخاف، وأعيتها الحيلة، فبعثت إلى أم جعفر: أن ابعثيني إلى ابنك كأنني جارية لك تتحفيه بها، وكانت أمه تتحفه كل جمعة بجارية بكر، فيشرب ثم يقتضها، فأبت عليها أم جعفر، فقالت: لئن لم تفعلي لأقولن أنك خاطبتني بهذا، ولئن اشتملت من ابنك على ولد ليكونن لكم الشرف، فأجابتها وجاءتها عباسة فأدخلتها متنكرة على جعفر، وكان لا يثبت صورتها، ولا يجسر أن يرفع طرفه إليها من الرشيد قال: فاقتضها، فلما فرغ قالت له: كيف رأيت خديعة بنات الخلفاء؟ قال: ومن أنت؟ قالت: أنا مولاتك، فطار السكر من رأسه، وقام إلى أمه فقال: بعتني والله رخيصا، وعلقت منه العباسة، فلما ولدت وكلت بالولد خادما، ومرضعا، ثم بعثت به إلى مكة، ثم وشت بها زبيدة إلى الرشيد، فحج وكشف عن الأمر وتحققه، فأضمر السوء للبرامكة. ولأبي نواس يشير إلى ذلك:
ألا قل لأمين اللـ ـه وابن القادة الساسه إذا ما ناكث سر ك أن تعدمه رأسه فلا تقتله بالسيف وزوجه بعباسة
وقيل: إن الرشيد سلم إليه يحيى بن عبد الله بن حسن كما ذكرنا، فقال له: اتق الله في، ولا تجعل خصمك غدا جدي، فرق له وأطلقه، وخفره إلى مأمنه.
وسئل سعيد بن سالم عن جناية البرامكة، فقال: ما كان منهم بعض ما يوجب ما عمل الرشيد بهم، ولكن طالت أيامهم، وكل طويل مملول.
وقيل: رفعت ورقة إلى الرشيد فيها:
قل لأمين الله في أرضه ومن إليه الحل والعقد هذا ابن يحيى قد غدا مالكا مثلك ما بينكما حد أمرك مردود إلى أمره وأمره ليس له رد