سمعت خالي الإمام موفق الدين يقول: حُكي أن الشيخ أبا الحسين كان راكبًا مرة على حمار عند غباغب، وهو ممدد على الحمار، فرآه رجل فقال: أقتُل هذا وآخذُ حماره، فلما حاذاه أراد أن يمد يده إليه، فيبست يداه، فمرّ أبو الحسين وهو يضحك منه، فلما جاوزه عادت يداه، فسأل عنه، فقيل له: هذا الشيخ أبو الحسين.
قال الضياء: وكان فيما بلغني ينزع سراويله فيلبسه للحمار، فإذا رآه الناس تعجبوا وقالوا: أيش هذا؟ فيقول: حتى نواري عورة الحمار، فيضحكون منه، وبلغني أنه فعل مرة هكذا بحماره، وكان ينقل عليه حجارة لعمل شيء من قلعة دمشق، وكان الناس يتفرجون عليه، فجاء رجل على بغلة فعرفه، فنزل وجاء إليه، وأظنه قبّل رجليه، فقال: ما تركتنا نكسب الأجر، وما كان أحد يعرفنا.
وسمعت خالي أبا عمر يقول: حدثني أبو غانم الحلبي، قال: دخلت امرأة الشيخ أبي الحسين بحلب إلى عند امرأة السلطان، فأعطتها شقّة حرير، فجاء أبو الحسين فعملها سراويل للحمار.
سمعت عمر بن يحيى بن شافع المؤذن يقول: حدّثني عبد الغني، رجل خيّر، بمصر قال: جاء أبو الحسين إلى عندنا، فخرج فرأى حمّال قفص معه فخار قد وقع وتكسّر، فجمعه فقال: يا شيخ أيش ينفع جمعه؟ فأتى معه إلى صاحبه وحطه عنه، فإذا كله صحيح.
وقبر أبي الحسين بحلب يُزار عند مقام إبراهيم.
وأخبرني ولده أبو الحجاج يوسف أنه فيما يغلب على ظنه توفي والده سنة ثمان وأربعين، ثم قال: توفي بعد أخذ عسقلان بسنة.
أنشدنا شهاب الشذياني، قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني، قال: أنشدنا يوسف بن محمد الدمشقي قال: أنشدني أبو الحسين الزاهد:
ما لنفسي وما لها قد هوت في مطالها كلما قلت قد دنا وتجلى صلالها رجعت تطلب الحرام وتأبى حلالها عاتِبوها لعلها ترعوي عن فِعالها وأعلِموها بأن لي ولها من يسالها