للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخالفهم. واستأذنوه في رفع منبره. فأرسلوا الأسرى، فرفعوا ما في جامع دمشق من منبر وخزانة وقالوا: نريد أن لا نجعل في الجامع إلا صلاة الشافعية. وكسروا منبر الحافظ، ومنعوه من الجلوس، ومنعوا أصحابنا من الصلاة في مكانهم، ففاتتهم الظهر. ثم إن الناصح جمع البنوية وغيرهم، وقالوا: إن لم يخلونا نصلي صلينا بغير اختيارهم. فبلغ ذلك القاضي، وهو كان صاحب الفتنة، فأذن لهم، وخاف أن يصلوا بغير إذنه. وكان الحنفية حموا مقصورتهم بجماعة من الجند. ثم إن الحافظ ضاق صدره، ومضى إلى بعلبك، فأقام بها مدة، وتوجه إلى مصر، فبقي بنابلس مدة يقرأ الحديث وكنت أنا في ذلك الوقت بمصر فجاء شاب من دمشق بفتاوى إلى الملك عثمان العزيز، ومعه كتب أن الحنابلة يقولون كذا وكذا. وكان بنواحي الإسكندرية، فقال: إذا رجعنا أخرجنا من بلادنا من يقول بهذه المقالة؟ فاتفق أنه لم يرجع، وشب به فرسه. وأقاموا ولده موضعه. ثم أرسلوا إلى الأفضل، كان بصرخد، فجاء وأخذ مصر. ثم انحرف إلى دمشق فاتفق أنه لقي الحافظ في الطريق، ففرح به وأكرمه. ونفذ يوصي به بمصر، فلما وصل الحافظ إلى مصر تلقي بالبشر والإكرام، وأقام بها يسمع الحديث بمواضع ويجلس. وقد كان بمصر كثيرٌ من المخالفين، لكن كانت رائحة السلطان تمنعهم. ثم إن الأفضل حاصر دمشق، ورد عنها بعد أن أشرف على أخذها، ورجع إلى مصر، فجاء العادل خلفه فأخذ مصر. وبقي بمصر. وأكثر المخالفون على الحافظ، حتى استدعي، ولم يحصل لهم بحمد الله ما أرادوا. وأكرمه العادل، وسافر إلى دمشق. وبقي الحافظ بمصر، وهم لا يتركون الكلام فيه، فلما أكثروا عزم الكامل على إخراجه من مصر. ثم إن الحافظ اعتقل في دار سبع ليالٍ فسمعت التقي أحمد ابن العز محمد بن عبد الغني: حدثني الشجاع بن أبي زكري الأمير قال: قال لي الكامل: هاهنا رجل فقيه قالوا: إنه كافر. قلت: لا أعرفه. قال: بلى، هو محدث. فقلت: لعله الحافظ عبد الغني؟ قال: نعم هذا هو. فقلت: أيها الملك، العلماء أحدهم يطلب الآخرة، والآخر يطلب الدنيا. وأنت هاهنا باب الدنيا، فهذا الرجل جاء إليك، أو أرسل إليك رقعة؟ قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>