لم يحج العراقيون في العامين الماضيين، وقصد طائفة يمين الدولة محمود ابن سبكتكين وقالوا: أنت سلطان الإسلام، وأعظم ملوك الأرض، وفي كل سنة تفتتح من بلاد الكُفر ناحيةً، والثواب في فتح طريق الحج أعظم، وقد كان بدر بن حسنويه، وما في أمرائك إلا من هو أكبر منه، يسير الحاج بماله وتدبيره عشرين سنة، فانظر لله واهتم بهذا الأمر. فتقدم إلى قاضيه أبي محمد الناصحي بالتأهب للحج، ونادى في أعمال خُراسان بالتأهب للحج، وأطلق للعرب في البادية ثلاثين ألف دينار سلمها إلى الناصحي، غير مال الصدقات. فحج بالناس أبو الحسن الأقساسي، فلما بلغوا فيد حاصرتهم العرب، فبذل لهم الناصحي خمسة آلاف دينار، فلم يقنعوا وصمموا على أخذ الركب، وكان رأسهم جماز بن عُدي قد انضم إليه ألف رجل من بني نبهان، وكان جبارا، فركب فرسه وعليه درع وبيده رُمح، وجال جولةً يُرهبُ بها. وكان في السمرقنديين غلام يعرف بابن عفان، فرماه بنبلة وقعت في قلبه فسقط ميتا، وهرب جمعه وعاد الركب سالمين.
وفيها قلد الوزارة أبو الحسن الرُّخجي ولُقب مؤيد المُلك.
وقبض قرواش بن المقلد على أبي القاسم ابن المغربي الوزير.
وفيها توثب يحيى بن علي الإدريسي بالأندلس على عمه المأمون، فهرب منه، ثم جمع الجيوش وأقبل.
[سنة ثلاث عشرة وأربعمائة]
فيها عمد بعض المصريين إلى الحجر الأسود فضربه بدبوس كسر منه قطعا. فقتله الحُجاج، وثار أهل مكة بالمصريين فنهبوهم وقتلوا منهم جماعة.