قال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا القاسم بدمشق يقول: ابن الفاعوس كان يتعسر في الرواية، وأهل بغداد يعتقدون فيه، وأبو القاسم ابن السمرقندي كان يقول: إن أبا بكر ابن الخاضبة يقول لابن الفاعوس الحجري لأنه كان يقول: الحجر الأسود يمين الله حقيقةً.
قلت: هذا تشغيب وأذية لرجلٍ صالح، وإلا فهذا نزاع محض في عبارة، وعرفنا مراده بقوله: يمين الله حقيقةً، كما تقول: بيت الله حقيقةً، وناقة الله حقيقةً، إذ ذلك إضافة ملك وتشريف، فهي إضافة حقيقية، وإن شئت قلت: يمين الله مجازًا، وهو أفصح وأظهر، لأن في سياق الحديث ما يوضح ذلك، وهو قوله: فمن صافحه فكأنما صافح الله: يعني هو بمنزلة يمين الله في الأرض، قال غير واحد: حدثنا يحيى بن سليم، عن ابن جريج، قال: سمعت محمد بن عباد بن جعفر المخزومي يقول: سمعت ابن عباس يقول: إن هذا الركن الأسود يمين الله في الأرض، يصافح به عباده مصافحة الرجل أخاه.
ورواه عيسى بن يونس، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عباس.
وروي بإسناد آخر، عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي حسين، عن ابن عباس.
ورواه عبد الرزاق، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قوله.
فإما أن يكون أراد به يمين الله، أستغفر الله، حقيقة باعتبار صفة الذات، فهذا لا يعتقده بشرٌ، فضلًا عن أن يعتقده مسلم، بل ولا يدور في ذهن عاقل.
وأما قوله: كان يتعسر في الرواية، فكان يفعل ذلك إزراءً على نفسه، وتفويتًا لحظه، وقد رأينا غير واحدٍ من الصالحين يمتنع من الرواية، ولكن من فعل ذلك ثقالةً ونكادةً كابن يوسف الإربلي وغيره من شيوخنا، فهو مذموم.
وقال أبو الفرج ابن الجوزي: توفي في تاسع عشر شوال، وانقلبت