إني والله ما أغمز غمز التين، ولا يقعقع لي بالشنان، ولقد فررت عن ذكاء، وفتشت عن تجربة، وجريت من الغاية، فإنكم يا أهل العراق طالما أوضعتم في الضلالة، وسلكتم سبيل الغواية، أما والله لألحينكم لحي العود، ولأعصبنكم عصب السلمة، ولأقرعنكم قرع المروة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، ألا إن أمير المؤمنين نثل كنانته بين يديه، فعجم عيدانها، فوجدني أمرها عودا وأصلبها مكسرا، فوجهني إليكم، فاستقيموا ولا يميلن منكم مائل، واعلموا أني إذا قلت قولا وفيت به، من كان منكم من بعث المهلب فليلحق به، فإني لا أجد أحدا بعد ثالثة إلا ضربت عنقه وإياي وهذه الزرافات فإني لا أجد أحدا يسير في زرافة إلا سفكت دمه، واستحللت ماله. ثم نزل.
رواه المبرد بنحوه، عن التوزي، بإسناد، وزاد فيه: قم يا غلام فاقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين. فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالكوفة، سلام عليكم. فسكتوا، فقال: اكفف يا غلام، ثم أقبل عليهم فقال: يسلم عليكم أمير المؤمنين فلا تردون عليه شيئا، هذا أدب ابن نهية. أما والله لأؤدبنكم غير هذا الأدب أو لتستقيمن. اقرأ يا غلام، فقرأ قوله: السلام عليكم، فلم يبق في المسجد أحد إلا قال: وعلى أمير المؤمنين السلام.
العصلبي: الشديد من الرجال.
والسواق الحطم: العنيف في سوقه.
والوضم: كل شيء وقيت به اللحم من الأرض من خوان وقرمية وغيره.
وعجمت العود: إذا عضضته بأسنانك.
والزرافات: الجماعات.
وقال ابن جرير: فأول من خرج على الحجاج بالعراق عبد الله بن