ثم جرت أمور، وولي علي بن طراد الزينبي نيابة الوزارة، وعزل ابن صدقة، ولم يؤذ. ثم قدم قاضي القضاة أبو سعد الهروي من العسكر بتحف من سنجر، وأن السلطان محمودا قد استوزر عثمان بن نظام الملك، وعول عثمان على أبي سعد بأن يخاطب الخليفة في أن يستوزر أخاه أحمد ابن نظام الملك، وأنه لا يستقيم له وزارة بدار الخلافة. فتخير ابن صدقة حديثة الفرات ليكون عند سليمان بن مهارش، فأخرج وخفر، فوقع عليه يونس الحرامي، وجرت له معه قصص.
واستدعي أبو نصر أحمد ابن النظام من داره بنقيب النقباء علي بن طراد، وابن طلحة، ودخل إلى الخليفة وحده وخرج مسرورًا، وخلع عليه للوزارة.
وفي رمضان بعث دبيس طائفة، فنهبوا أكثر من ألف رأس، فأرسل إليه الخليفة يقبح ما فعل، فبث ما في نفسه، وما يعامل به من الأمور الممضة: منها أنهم ضمنوا له إهلاك عدوه ابن صدقة الوزير، فأخرجوه من الضيق إلى السعة. ومنها أنه طلب إخراج البرسقي من بغداد، فلم يفعلوا.
ومنها أنهم وعدوه في حق أخيه منصور أن يطلقوه، وكان قد عصى على السلطان بركياروق وخطب لمحمد. فلما ولي محمد صار له بالخطبة جاه عند محمد، وقرر مع أخيه أن لا يتعرض لصدقة، وأقطعه الخليفة الأنبار، ودمما، والفلوجة، وأعطاه واسط، وأذن له في أخذ البصرة.
فصار يدل على السلطان الإدلال الذي لا يحتمله، وإذا وقع إليه رد التوقيع، أو طال مقام الرسول على مواعيد لا ينجزها، وأوحش أصحاب السلطان، وعادى البرسقي.
وكان أيضًا قد أظهر سب الصحابة بالحلة، فأخذ العميد أبو جعفر ثقة الملك فتاوى فيما يجب على من يسب، وكتب المحاضر فيما يتم في بلاد ابن مزيد من ترك الصلوات، وأنهم لا يعتقدون الجمعة ولا الجماعات، ويتظاهرون بالمحرمات. فكتب الفقهاء بأنه يتعين قتالهم.
ثم قصد العميد باب السلطان، وقال: إن حال ابن مزيد قد عظمت، وقد قلت فكرته في أصحابك، واستبد بالأموال، وأراه الفتوى، وقال: هذا سرخاب قد لجأ إليه، وهو على غاية من بدعته التي هي مذهب الباطنية. وكانا قد اتفقا على قلب الدولة، وإظهار مذهب الباطنية. وكان السلطان قد تغير على سرخاب، فهرب منه إلى الحلة، فتلقاه بالإكرام.
فراسله السلطان، وطالبه بتسليم سرخاب، فقال: لا أسلم من لجأ إلي. وإن