للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإقامته بطوغاج في وسط الصين. وكان دوشي خان أحد الستة متزوجاً بعمة جنكز خان الذي فعل الأفاعيل وأباد الأمم. وجنكز خان من أمراء بادية الصين، وهم أهل شر وعتو، فمات دوشي المذكور، فعمدت زوجته إلى ابن أخيها جنكز خان وقد جاءها زائراً فملكته، وكان الملكان اللذان هما مجاوران لهم هما: كشلي خان، وفلان خان، فرضياً بجنكز خان، وعاضداه، فلما أنهي الأمر إلى القان ألطور أنكر ولم يرض، واستحقر جنكز خان، فغضب له المذكوران وخرجا معه وعملوا المصاف، فانهزم ألطور خان وذل، ثم طلب الصلح، فصالحوه، وقووا واتفقوا، فمات أحدهما، ثم مات كشلوخان، وتملك ولده، فطمع جنكز خان في الولد، وتمكن وكثر جنده وهم المغل، وحارب الولد، وهزمه واستولى على بلاده، ثم نفذ رسولاً إلى خُوارزم شاه كما ذكرنا.

سنة ست عشرة وستمائة.

فيها وصل الخبر بانجفال السلطان خوارزم شاه عن جيحون، فاضطربت مدينة خوارزم، وقلقت خاتون والدة السلطان، وأمرت بقتل من كان معتقلاً بخوارزم من الملوك، وكان بها نحو عشرين ملكاً، وخرجت من خوارزم ومعها خزائن السلطان وحرمه، وساقت إلى قلعة إيلال بمازندران، ثم أسرت. وأما السلطان فإنه لم يزل منهزماً إلى أن قدم نيسابور، ولم يقم بها إلا ساعة واحدة رعباً من التتار، ثم ساق إلى أن وصل إلى مرج همذان ومعه بقايا عسكره نحو عشرين ألفاً، ولم يشعر إلا وقد أحدق به العدو، فقاتلهم بنفسه، وشمل القتل كل من كان في صحبته، ولجأ في نفر يسير إلى الجبل، ثم منها إلى الأستدار وهي أمنع ناحية في مازندران، ثم سار إلى حافة البحر، وأقام بقرية ينور المسجد ويصلي فيه إماماً بجماعة، ويقرأ القرآن، ويبكي، فلم يلبث حتى كبسه التتار، فهرب، وركب في مركب، فوقع فيه النشاب، وخاض خلفه طائفة، فصدهم عمق الماء عن لحوقه، فبقي في لجةٍ ولحقته علة ذات الجنب، فقال: سبحان الله مالك الملوك لم يبق لنا من مملكتنا مع سعتها قدر ذراعين ندفن فيها، فاعتبروا يا أولي الأبصار. فلما وصل إلى الجزيرة التي هناك، أقام بها طريداً وحيداً، والمرض يزداد به، ثم مات وكفن في شاش فراش كان معه، في سنة سبع عشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>