قال الشيخ قطب الدّين: وفي ذي الحجة أمر السلطان بإراقة الخمور في بلاده، والوعيد على من يعصرها بالقتل، فأريق ما لا يُحصر، وكان ضمان ذلك في ديار مصر خاصة ألف دينار في كل يوم.
قال: وفيها نزلت الفرنج على تونس انتصاراً لأهل جنوة بسبب ما أخذ من أموالهم، فنازلها الفرنسيس في أربعمائة ألف منها: ستة وعشرون ألف فارس، وفيهم جماعة ملوك، ومجموع عدّه مراكبهم أربعمائة مركب، وقاتلتهم البربر والعربان والعوامّ فقُتل ولد الفرنسيس.
وقيل إن الفرنسيس مات ولم يبق عندهم ملك يحكم عليهم، وطلبت الفرنج الصُّلح، فوقع الصُّلح على ردّ مال أهل جنوة.
[سنة سبعين وستمائة]
في المحَّرم ركب السلطان من الصّناعة في الشّواني ومعه نائب السلطنة بيليك الخزندار، فلما صار في الشّيني مال فوقع الخزندار في البحر، فنزل خلفه من أطلعه بشعره، وقد كاد.
ثم خرج السلطان إلى الكرك وأخذ معه النائب عز الدّين أيدمر، وقدم به دمشق، فجعله نائباً عليها وعزل النجيبي، ثم سار إلى حماة ورجع، ثم مضى إلى حلب، وسببه أن صمغرا ومعين الدّين البرواناه والتتر لما عادوا من عند أبغا في السنة الخالية جاءهم أمر بقصد الشام فحشدوا، وجاء صمغرا في عشرة آلاف إلى البلستين، ثم إلى مرعش، وبلغهم أن السلطان بدمشق، فبعثوا من المغل ألفاً وخمسمائة للإغارة وتجسس الأخبار، فوصلوا إلى عين تاب ثم إلى قسطون، ووقعوا على التركمان هناك بين حارم وأنطاكية فاستأصلوهم، فأمر السلطان بتجفيل البلاد حتى أهل دمشق ليطمع التتار فيتوغلون في البلاد ويتمكن منهم، وطلب جيش مصر فقدموا ومقدمهم الأمير بدر الدّين بيسري، فوصلتهم الأخبار فأسرعوا الرَّجعة، وساق الفارقاني وراء التتر فلم يدركهم.