للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذهبيُّ قد أكملَ عليه القراءات قبل ذلك (١)، فكان هذا أول منصبٍ علمي يتولاه الذهبيُّ فيما نعلم وإنْ لم يبق فيه أكثرَ من سنةٍ واحدة (٢).

[ب - الحديث]

وفي الوقتِ نفسه كان الذهبيُّ، وهو في الثامنة عشرة من عمره، قد مال إلى سماع الحديثِ واعتنى به عنايةً فائقة (٣). وانطلق في هذا العلم حتى طَغَى على كُلِّ تفكيره، واستغرق كُلَّ حياتِه بعد ذلك، فسمع ما لا يُحْصَى كَثْرةً من الكتب والأجزاء، ولقي كثيرًا من الشيوخِ والشيخاتِ، وأصيب بالشَّرَهِ في سماع الحديث وقراءته ورافقه ذلك طِيلةَ حياتِه، حتى كان يسمع من أناسٍ قد لا يرضى عنهم، قال في ترجمة علاء الدين أبي الحسن علي بن مظفر الإسكندراني ثم الدمشقي، شيخ دار الحديث النفيسية المتوفى سنة ٧١٦ هـ: "ولم يكن عليه ضوءٌ في دِينِه حملني الشَّرَهُ على السماع من مِثْلِهِ، واللّه يسامحه كان يخلُّ بالصلواتِ ويُرْمى بعظائمِ الأمور" (٤)، وقالَ في ترجمة شيخه شهاب الدين غازي بن عبد الرحمن الدمشقي المتوفى سنة ٧٠٩ هـ: "وكانَ ذَا سيرة غير محمودةٍ فاللّه يعفو عنه، كتب عنه خَلْقٌ من أبناء البلد" (٥)، وقال في ترجمة شيخه أبي عبد اللّه محمد بن أحمد المقدسي المتوفى سنة ٧٠٦ هـ: "فقير مسكين … ورأيتهم يَذمُّونَهُ … روى لنا عن خطيب مردا جزء البطاقة" (٦)، وذكر عن شيخه محمود بن يحيى التميمي الدمشقي المتوفى سنة ٧٣٣ هـ أنه


(١) الذهبي: معجم الشيوخ، م ٢ الورقة ٤٨، وتوفي شيخه بعد ذلك في صفر من سنة ٦٩٣.
(٢) قال الذهبي في ترجمة محمد بن أحمد بن علي شمس الدين أبي عبد اللّه الرقي الحنفي من معرفة القراء ج ٢ ص ٧٥٤: "ولما سافرت إلى بعلبك، سنة ثلاث وتسعين وتعوقت بالقراءة على الموفق، وثب على حلقتي، فأخذها لكوني لم أستأذن الحاكم في الغيبة، وهو الآن يقرئ بالجامع".
(٣) السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، ج ٩ ص ١٠٢، والسيوطي: طبقات الحفاظ، الورقة ٨٤.
(٤) الذهبي: معجم الشيوخ، م ٢ الورقة ١٢.
(٥) المصدر نفسه، م ٢ الورقة ٢١.
(٦) المصدر نفسه، م ٢ الورقة ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>