طلبه. ومضى عبد الله بمن بقي حتى نزل بنخلة. فمرت بهم عير لقريش تحمل زبيبا وأدما، وفيها عمرو بن الحضرمي وجماعة. فلما رآهم القوم هابوهم. فأشرف لهم عكاشة؛ وكان قد حلق رأسه؛ فلما رأوه أمنوا، وقالوا: عمار لا بأس عليكم منهم.
وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر رجب، فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام. وترددوا، ثم أجمعوا على قتلهم وأخذ تجارتهم، فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي فقتله، واستأسروا عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان. وأفلت نوفل بن عبد الله.
وأقبل ابن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين، حتى قدموا المدينة. وعزلوا خمس ما غنموا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزل القرآن كذلك. وأنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل ابن الحضرمي، فنزلت: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير الآية، وقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الفداء في الأسيرين. فأما عثمان فمات بمكة كافرا، وأما الحكم فأسلم واستشهد ببئر معونة.
وصرفت القبلة في رجب، أو قريبا منه، والله أعلم.
غزوة بدر الكبرى
من السيرة لابن إسحاق، رواية البكائي.
قال ابن إسحاق: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أبا سفيان بن حرب قد أقبل من الشام في عير لقريش وتجارة عظيمة، فيها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش؛ منهم: مخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها. فانتدب الناس، فخف بعضهم، وثقل بعض، ظنا منهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يلقى حربا. واستشعر