وأطيب. قال: كم؟ قال: ما وعد الله ورسوله من الرزق والخير. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقال ابن إسحاق: ثم إن رجالا أتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم البكاؤون، وهم سبعة منهم من الأنصار: سالم بن عمير، وعلبة بن زيد، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب، وعمرو بن الحمام بن الجموح، وعبد الله بن المغفل؛ وبعضهم يقول: عبد الله بن عمرو المزني؛ وهرم بن عبد الله، والعرباض بن سارية الفزاري. فاستحملوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانوا أهل حاجة، فقال:{لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} فبلغني أن يامين بن عمرو لقي أبا ليلى وعبد الله بن مغفل وهما يبكيان فقال: ما يبكيكما؟ فقالا: جئنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليحملنا، فلم نجد عنده ما يحملنا، وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج. فأعطاهما ناضحا له فارتحلاه وزودهما شيئا من لبن.
وأما علبة بن زيد فخرج من الليل فصلى ما شاء الله، ثم بكى وقال: اللهم إنك قد أمرت بالجهاد ورغبت فيه، ثم لم تجعل عندي ما أتقوى به، ولم تجعل في يد رسولك ما يحملني عليه، وإني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني بها في مال أو جسد أو عرض. ثم أصبح مع الناس فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أين المتصدق هذه الليلة؟ فلم يقم أحد. ثم قال: أين المتصدق؟ فليقم. فقام إليه فأخبره. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أبشر، فوالذي نفس محمد بيده لقد كتبت في الزكاة المتقبلة.
{وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} فاعتذروا فلم يعذرهم الله. فذكر أنهم نفر من بني غفار.
قال: وقد كان نفر من المسلمين أبطأت بهم النية عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى تخلفوا عن غير شك ولا ارتياب، منهم كعب بن مالك أخو بني سلمة، ومرارة بن الربيع أحد بني عمرو بن عوف، وهلال بن أمية أخو بني واقف، وأبو خيثمة أخو بني سالم بن عوف. وكانوا رهط صدق.