ثمّ دخل الوزير أبو الفتح إلى الشام على البرية، وقد استخلف على الحضرة عبد الله بن علي النفري.
وسار ابن شيرزاد بين البريدي وابن رائق في الصلح، فكتبوا للبريدي بالعهد على البصرة، وأن يجتهد في أخذ الأهواز من أحمد بن بويه، وأن يحارب بجكم. فواقع عسكر البريدي عسكر بجكم فهزمه، فسر بذلك ابن رائق. ثم أرسل بجكم إلى البريدي: أنت قد اتفقت مع ابن رائق علي وقد عفوت عنك، وأنا أعاهدك إن ملكت الحضرة أن أقلدك واسطاً. فسجد البريدي شكراً لله وحلف له واتفقا.
وفيها قطعت يد ابن مقلة. وسببه أن محمد بن رائق لما صار إليه تدبير المملكة قبض على ضياع ابن مقلة وابنه، فسأله ابن مقلة إطلاقها، فوعده ومطله. فأخذ ابن مقلة في السعي عليه من كل وجهٍ، وكتب إلى بجكم يطمعه في الحضرة، وكتب إلى الراضي يشير عليه بالقبض على ابن رائق، ويضمن له إذا فعل ذلك وأعاده إلى الوزارة أنه يستخلص له منه ثلاث آلاف ألف دينار. وأشار باستدعاء بجكم ونصبه في بغداد. فأصغى إليه، فكتب ابن مقلة إلى بجكم يخبره ويحثه على القدوم. واتفق معهم أن ابن مقلة ينحدر سراً إلى الراضي ويقيم عنده، فركب من داره، وعليه طيلسان، في رمضان في الليل. فلما وصل إلى دار الخليفة لم يمكن، وعدل به إلى حجرة فحبس بها. وبعث الراضي إلى ابن رائق فأخبره. فتردد الرسل بينهما أسبوعين، ثم أظهر الخليفة أمره، واستفتى القضاة في أمره، وأفشى ما أشار به ابن مقلة من مجيء بجكم وقبض ابن رائق. فيقال: إن القضاة، أفتوا بقطع يده، ولم يصح. ثم أخرجه الراضي إلى الدهليز، فقطعت يده بحضرة الأمراء.
قال ثابت بن سنان: فاستدعاني الراضي وأمرني بالدخول عليه وعلاجه، فدخلت، فإذا به جالس يبكي، ولونه مثل الرصاص، فشكا ضربان ساعده. فطلبت كافوراً، وطليت به ساعده فسكن. وكنت أتردد إليه، فعرضت له علة النقرس في رجله. ثم لما قرب بجكم من بغداد قطع