المال ست مائة ألف أو أكثر، ففرقها على أصحابه خمسين خمسين، وجهز المغيرة في خمسين مقاتلاً إلى الأهواز، فقدمها وقد صار معه نحو المائتين. وكان على الأهواز محمد بن الحصين، فالتقى المغيرة فانكسر ابن الحصين، وغلب المغيرة على الأهواز.
ثم أراد إبراهيم المسير إلى الكوفة، وبعث إلى فارس عمرو بن شداد، فسار إليه من رامهرمز يعقوب بن الفضل، فاتفقا وغلبا على إقليم فارس، فلو توجه إبراهيم إلى إقليم فارس لتم له الأمر، واستعمل على واسط هارون بن سعد العجلي عندما قدم إليه من الكوفة فسار إلى واسط، فجهز المنصور لحربه عامر بن إسماعيل المسلي في خمسة آلاف، فكان بينهما حرب، ووقعات. وقد قتل من أهل واسط والبصرة في هذه الكائنة عدد كثير، ثم توادع الفريقان وكلوا، فلما قتل إبراهيم كما سيأتي، سار هارون بن سعد العجلي راجعاً إلى البصرة، فتوفي قبل أن يدخلها، نعم، وبقي إبراهيم سائر شهر رمضان ينفذ عماله إلى البلاد، حتى أتاه نعي أخيه محمد بالمدينة، قبل العيد بثلاث، ففت في عضده وبهت لذلك، وخرج يوم العيد إلى المصلى فصلى بالناس، يعرف فيه الحزن والانكسار.
وقيل: إن المنصور لما بلغه خروج إبراهيم قال: ما أدري ما أصنع، ما في عسكري إلا ألفا رجل! فرقت عساكري، مع ابني بالري ثلاثون ألفاً، ومع محمد بن أشعث بإفريقية أربعون ألفاً، ومع عيسى بن موسى بالحجاز ستة آلاف، ولئن سلمت من هذه لا يفارقني ثلاثون ألف فارس، ثم لم ينشب أن قدم عليه عيسى من الحجاز منصوراً، فوجهه على الناس لحرب إبراهيم، وكتب إلى سلم بن قتيبة فقدم إليه من الري. قال سلم: فلما دخلت على المنصور قال لي: خرج ابنا عبد الله، فاعمد إلى إبراهيم، ولا يرعبك جمعه فوالله إنهما جملا بني هاشم المقتولان فابسط يدك وثق.
وكتب سلم إلى البصرة يلاطفهم فلحقت به باهلة، فاستحث المنصور ابنه ليجهز خازم بن خزيمة إلى الأهواز، فسار بأربعة آلاف فارس، ففر منه المغيرة إلى البصرة، ودخل خازم الأهواز فأباحها ثلاثاً، لكونهم نزعوا الطاعة، ومكث المنصور لا يأوي إلى فراشه نيفاً وخمسين ليلة.