دع ذا وأثن على الكريم محمد واذكر فواضله على الأصحاب وإذا يقال: من الجواد بماله؟ قيل: الجواد محمد بن شهاب أهل المدائن يعرفون مكانه وربيع نادية على الأعراب قال أحمد بن سنان القطان: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت مالكاً يقول: حدث الزهري قوماً بحديث، فلما قام قمت فأخذت بعنان دابته فاستفهمته، فقال: تستفهمني! ما استفهمت عالماً قط ولا أعدت شيئاً على عالم قط.
وقال عثمان بن سعيد الدارمي: حدثنا موسى بن محمد البلقاوي قال: سمعت مالكاً يقول: حدث الزهري بمائة حديث، ثم التفت إلي فقال: كم حفظت يا مالك؟ قلت: أربعين حديثاً، قال: فوضع يده على جبهته ثم قال: إنا لله، كيف نقص الحفظ!
وقال ابن وهب: أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن أن الزهري كان يبتغي العلم من عروة وغيره، فيأتي جارية له نائمة فيوقظها فيقول لها: حدثني فلان وفلان بكذا، فتقول: ما لي ولهذا، فيقول: قد علمت أنك لا تنتفعين به، ولكن سمعت الآن فأردت أن أستذكره.
وقال أحمد بن أبي الحواري: سمعت الوليد بن مسلم يقول: خرج الزهري من الخضراء من عند عبد الملك بن مروان فجلس عند ذاك العمود، فقال: يا أيها الناس، إنا كنا منعناكم شيئاً قد بذلناه لهؤلاء، فتعالوا حتى أحدثكم. قال: وسمعهم يقولون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: يا أهل الشام، ما لي أرى أحاديثكم ليس لها أزمة ولا خطم؟! قال الوليد: فتمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذ.
وقال معمر عن الزهري: كنا نكره الكتاب حتى أكرهنا عليه الأمراء، فرأيت أن لا أمنعه مسلماً.