أحب أن تنظر لي جارية لا يكون مثلها في الغناء والظرف، فأرشدت إلى جارية لم أر مثلها، وغنت فأجادت، فقال لي صاحبها: لا أبيعها بأقل من أربعين ألف دينار. قلت: قد أخذتها، وأشترط عليك نظرة، قال: لك ذلك.
فأتيت جعفرا، فقلت: أصبت صاحبتك على غاية الكمال، فاحمل المال، فحملنا المال على حمالين، وجاء جعفر مستخفيا، فدخلنا على الرجل وأخرجها، فلما رآها جعفر أعجب بها، فغنت، فازداد بها عجبا، وقال: افصل أمرها، فقلت لمولاها: خذ المال، فقالت الجارية: يا مولاي في أي شيء أنت؟ قال: قد عرفت ما كنا فيه من النعمة، وقد نقصت عن ذلك، فقدرت أن تصيري إلى هذا الملك، فتنبسطي في شهواتك، فقالت: لو ملكت منك ما ملكت مني ما بعتك بالدنيا، فاذكر العهد، وقد كان حلف أن لا يأكل لها ثمنا، فتغرغرت عين الرجل بالدموع، وقال: اشهدوا أنها حرة لوجه الله، وأني قد تزوجتها، وأمهرتها داري، فقال جعفر بن يحيى: انهض بنا، فدعوت الحمالين ليحملوا الذهب، فقال جعفر: والله لا صحبنا منه درهما، وقال لمولاها: أنفقه عليكما.
وقيل: لما نكبت البرامكة، وجد في خزائن جعفر جرة فيها ألف دينار في الدينار مائة دينار سكته:
وأصفر من ضرب دار الملو ك يلوح على وجهه جعفر يزيد على مائة واحدا متى يعطه معسر يوسر
مثنى بن محمد، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن مؤدب البرامكة قال: أمر جعفر أن تضرب له دنانير، زنة الدينار ثلاث مائة مثقال، وتصير عليه صورته.
وهو مراد أبي العتاهية بقوله:
يلوح على وجهه جعفر
قال صاحب الأغاني: أخبرنا عبد الله بن الربيع الربيعي: قال: حدثني أحمد بن إسماعيل، عن محمد بن جعفر بن يحيى قال: شهدت أبي وهو يحدث جدي يحيى، وأنا صغير، عن بعض خلواته مع الرشيد فقال: يا أبة، أخذ أمير المؤمنين بيدي، ثم أقبل في الحجر يخترقها، حتى انتهى إلى حجرة ففتحت له، ورجع من كان معنا، ثم صرنا إلى حجرة، ففتحها بيده، ودخلنا