متولّي الشّرطة، فما التفتوا عليه: فكتب الرّاضي توقيعاً يزجُرُهم ويوبّخهم باعتقادهم: وأنّكم تزعمون أنّ الله على صُوَركم الوحشة، وتذكرون أنّه يصعد وينزل. وأُقسم: إنْ لم تنتهوا لأقتلنَّ فيكم ولأُحَرّقنّ دُوركم.
وفي الشّهر هبّت ريح عظيمة ببغداد، واسودَّت الدّنيا وأظلمت من العصر إلى المغرب برعدٍ وبَرْق.
وفيه شَغَب الجُنْد بابن مُقْلة وهمّوا بالشّرّ.
وكان سعيد بن حمدان قد ضمِن المَوْصل وغيرها سِرّاً من ابن أخيه الحسن بن عبد الله بن حمدان، وخلع عليه ببغداد، فخرج سعيد في صورة أنّه يساعد ابنُ أخيه في الضمان في خمسين فارسا، فدخل الموصل فخرج ابن أخيه مظهِراً لتَلَقِّيه. ومضى العمّ إلى دار ابن أخيه فنزلها، وسأل عنه فقيل: خرج لتَلَقّيك. فجلس ينتظره، فلمّا علم الحسن بأنّ عمّه في داره وجّه غلمانه فقبضوا عليه وقيَّدوه، ثمّ قتله بعد أيام. وتألَّم له الرّاضي، وأمرَ أبا علي بن مُقْلَة بالخروج إلى الموصل، والإيقاع بالحَسَن. فخرج في جميع الجيش واستخلَف ابنَه أبا الحسين موضعه. فلمّا قرُب من المَوْصل نزح عنها الحسن في شعبان، فتبِعَه ابن مُقْلَة، فصعِد الجبل ودخل بلد الزوزان، فاستقرّ ابن مُقْلَة بالموصل يستخرج أموالاً، ويستسلف من التُّجّار على غلات البلد، فاجتمع له أربعمائة ألف دينار. فاحتال سهل بن هاشم كاتب الحسن، وكان مقيماً ببغداد، فبذل لولد ابن مُقْلَة عشرة آلاف دينار حتى يكتب إلى أبيه بأن الأمور بالحضرة مضطّربة، فانزعج الوزير وسار إلى بغداد، فدخل في ذي القعدة.
وفيها: وقعوا برجلٍ قد أخذ البيعة لجعفر ابن المكتفي، وبذل أموالاً عظيمة، فقُبِض عليه وعلى جعفر، ونُهب منزل جعفر.
وعاد الحسن بن عبد الله بن حمدان إلى الموصل بعد حرب تمّ له مع جيش الخليفة وهزمهم، وكتب إلى الخليفة يعتذر.
وخرج الرَّكْبُ العراقي ومعهم لؤلؤ يَخْفُرُهم، فاعترضهم أبو طاهر القَرْمَطِيّ، فانهزم لؤلؤ وبه ضربات. فقتل القَرْمطي الحاجّ وسبى الحُرَم، والتجأ الباقون إلى القادسيّة، وتسللوا إلى الكوفة.