فأسرع حبيب الفهري الكرة من صقلية فالتقى هو وميسرة، فكانت ملحمة هائلة فاستظهر ميسرة، ثم إن البربر أنكرت سوء سيرة ميسرة وتغيروا عليه، فقتلوه وأمروا عليهم خالد بن حميد الزناتي، فأقبل بهم في جيش عظيم، فكانت بينهم وبين عسكر الإسلام ملحمة مشهودة قتل فيها خالد الزناتي وسائر من معه، وذهب فيها خلق من فرسان العرب، ولهذا سميت غزوة الأشراف، ومرج أمر الناس وقويت الخوارج، وعمد الناس إلى عبيد الله بن الحبحاب فعزلوه، فغضب الخليفة هشام لما بلغه وتنمر، وبعث على المغرب كلثوم بن عياض القشيري.
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين ومائة
فيها توفي ثابت البناني، وربيعة بن يزيد القصير بدمشق، وأبو يونس سليم مولى أبي هريرة، وسماك بن حرب الذهلي، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وشرحبيل بن سعد المدني، وأبو عمران الجوني عبد الملك بن حبيب، وابن محيض مقرئ مكة، ومحمد بن واسع عابد البصرة، ومالك بن دينار بخلف.
وفيها كانت وقعة عظيمة بين البربر وبين كلثوم بن عياض، فقتل كلثوم في المصاف واستبيح عسكره وقتل عدة من أمرائه، كسرهم أبو يوسف الأزدي رأس الصفرية، ثم اتبع المسلمين يقتل ويأسر، وقتل حبيب بن أبي عبيدة الفهري، وسليمان بن أبي المهاجر، ثم قام بأمر المسلمين بلج ابن عم كلثوم فانتصر على الخوارج وهزمهم، وقتل أبو يوسف في خلق من الصفرية، وكان كلثوم المذكور من جلة الأمراء، ولي دمشق مدة لهشام، ثم ولاه المغرب، فسار إليها في خلق من عرب الشام، فلما قتل دخل منهم خلق إلى الأندلس وعليها عبد الرحمن بن حبيب الفهري، وعبد الملك بن قطن، فجرت بينهم وقعات على المنافسة على الدنيا، فقتل بلج القشيري ووجوه أصحابه.