وكان أديبًا منشئاً، بليغاً، مُدْرهاً، فصيحاً، مفوَّهاً.
ذكره أبو شامة، فقال: كان عالمًا صارمًا حسن الخط واللفظ. وشهد فتح بيت المقدس، فكان أول من خطب به بخطبة فائقة أنشأها. وكانت بيده أوقاف الجامع الأموي، وغيره. ثم عُزل عنها سنة موته، وتولاها شمس الدين ابن البيني ضماناً، فبقي إلى سنة أربع وستمائة، وعزل. وتولاها الرشيد ابن أخته ضمانًا بزيادة ثلاثة آلاف دينار، ثم عُزل في أثناء السنة، وأبطل الضمان، وتولاها المعتمد والي دمشق.
قال: وكان محيي الدين قد اضطرب في آخر عمره، وجرت له قضية مع الإسماعيلية بسبب قتل شخص منهم، ولذلك فتح له بابًا سرًا إلى الجامع من دارهم التي بباب البريد لأجل صلاة الجمعة.
قال: وأثنى عليه الشيخ عماد الدين ابن الحرستاني، وعلى فصاحته وحفظه لما يلقيه من الدروس.
قال: وتوفي وله ثمان وأربعون سنة. وكذا ابنه القاضي الطاهر.
وكان ينهى عن الاشتغال بكتب المنطق والجدل، وقطع كتبًا من ذلك في مجلسه.
وكان قد تظاهر بترك النيابة في القضاء عن القاضي ابن أبي عصرون، فأرسل إليه السلطان صلاح الدين مجد الدين ابن النحاس والد العماد عبد الله الراوي، وأمره أن يضرب على علامته في مجلس حكمه، ففعل به ذلك، فلزم بيته حياءً، وطلب ابن أبي عصرون من ينوب عنه، فأشاروا عليه بالخطيب ضياء الدين الدولعي، فأرسل إليه خلعة النيابة مع البدر يونس الفارقي، فرده وشتمه، فأرسل إلى جمال الدين ابن الحرستاني، فناب عنه.
قلت: ثم بعد هذا توفي ابن أبي عصرون، وولي المحيي القضاء، وعظمت رتبته عند صلاح الدين، وسار إلى مصر رسولًا من الملك العادل إلى