ولو أنني من جانب الشرق طالع لجدّ على ما ضاع من ذكري النهب ولي نحو أكناف العراق صَبابةٌ ولا غَرو أن يستوحش الكِلَف الصبّ فإن يُنزل الرحمن رحْلي بينهم فحينئذٍ يبدو التأسُّف والكَرْبُ هنالك يُدرى أن للبعد قصة وأن كساد العلم آفته القرب فواعجبا من غاب عنهم تشوقوا له، ودنوّ المرء من دارهم ذنب وله:
مناي من الدنيا علوم أبثها وأنشرها في كل باد وحاضر دعاءٌ إلى القرآن والسنن التي تناسى رجالٌ ذكرها في المحاضر وله وهو يماشي ابن عبد البر، وقد أقبل شابٌّ مليح، فأعجب ابن حزم، فقال أبو عمر: لعل ما تحت الثياب ليس هناك! فقال:
وذي عَذَلٍ فيمن سباني حسنه يُطيل ملامي في الهوى ويقول أمن حسن وجه لاح لم تر غيره ولم تدر كيف الجسم أنت قتيل فقلت له: أسرفْت في اللوم فاتّئد فعندي رد لو أشاء طويل ألم تر أني ظاهريّ وأنني على ما بدا حتى يقوم دليل ومن شعره:
لا تشمتن حاسدي إن نكبة عرضت فالدهر ليس على حال بمترك ذو الفضل كالتبر طورا تحت ميفعةٍ وتارةً في ذرى تاج على ملك ومن شعره يصف ما أحرق المعتضد بن عباد له من الكتب:
فإن تحرِقوا القرطاس لا تحرقوا الذي تضمّنه القرطاس بل هو في صدري يسير معي حيث استقلّت ركائبي وينزل إن أنزل ويُدفن في قبري دعوني من إحراق رقّ وكاغّدٍ وقولوا بعلمٍ كي يرى الناس من يدري وإلا فعودوا في المكاتب بدْأةً فكم دون ما تبغون لله من ستر كذاك النصارى يحرقون إذا عَلَت أكفهم القرآن في مدن الثغر وقد ذُكر لابن حزم قول من قال: أجلّ المصنفات الموطأ. فأنكر ذلك، وقال: أولى الكتب بالتعظيم الصحيحان، وكتاب سعيد بن السكن، والمنتقى لابن الجارود، والمنتقى لقاسم بن أصبغ، ثم بعد هذه الكتب كتاب أبي داود، وكتاب النَّسائي، ومصنّف قاسم بن أصبغ، ومصنّف