وتحصن بالبلد، واستنجد بطغرل شاه السلجوقي صاحب أرزن الروم، فجاء وهزم عنه الأوحد، ثم سار السلجوقي وبلبان فحاصرا حصن موش، فغدر السلجوقي ببلبان وقتله، وساق إلى خلاط ليملكها فمنعه أهلها، فساق إلى منازكرد فمنعه أهلها، فرد إلى بلاده، واستدعى أهل خلاط الأوحد فملكوه، وملك أكثر أرمينية. فهاجت عليه الكرج وتابعوا الغارات على البلاد، واعتزل جماعة من أمراء خلاط وعصوا بقلعة، فسار لنجدته الأشرف موسى في جيوشه، وتسلموا القلعة بالأمان. ثم سار الأوحد ليقرر قواعد ملازكرد، فوثب أهل خلاط وعصوا، فكر الأوحد وحاصرهم، ودخل وبذل السيف فقتل خلقاً، وأسر الأعيان. وكان شهماً سفاكاً للدماء، فتوطدت له الممالك.
وفيها اتفق الفرنج من طرابلس وحصن الأكراد على الإغارة بأعمال حمص، ثم حاصروها، فعجز صاحبها أسد الدين عنهم، ونجده الظاهر صاحب حلب بعسكر قاوموا الفرنج. ثم إن السلطان سيف الدين سار من مصر بالجيوش وقصد عكا، فصالحه صاحبها، ثم سار فنزل على بحيرة حمص، فأغار على بلاد طرابلس، وأخذ حصناً صغيراً من أعمالها. وقد مر ذلك استطراداً في سنة إحدى وستمائة.
[سنة خمس وستمائة]
فيها قدم الشام شهاب الدين السهروردي في الرسلية، ورجع ومعه شمس الدين ألدكز بالتقادم والتحف، فأعرض عن السهروردي، ونقموا عليه حيث مد يده إلى الأموال بالشام وقبل العطايا، وحضر دعوات الأمراء، فأخذت منه الربط ومنع من الوعظ، فقال: ما قبلتها إلا لأفرقها في فقراء بغداد، وشرع يفرق ذلك.
قال أبو شامة: وفيها زلزلت نيسابور زلزلة عظيمة دامت عشرة أيام، فمات تحت الردم خلق عظيم.