فتوجها إلى الجزيرة، وأخذا ديار بكر، ثم توفي سقمان بين طرابلس وبيت المقدس، وماردين هي إلى اليوم لذريته، وقد ساق صاحب الكامل أخباره في أماكن، إلى أن ذكر وفاته، فحكى أن ابن عمار طلبه ليكشف عنه الفرنج على مالٍ يعطيه، وأن صاحب دمشق مرض وخاف على دمشق، فطلبه ليسلم إليه البلد، فسار إلى دمشق ليملكها، ويتجهز منها لغزو الفرنج، فأخذته الخوانيق، وتوفي بالقريتين، ونقل فدفن بحصن كيفا.
قال: وأما تملكه ماردين فإن صاحب الموصل كربوقا قصد آمد، فجاء سقمان ليكشف عنها، فالتقوا، وكان عماد الدين زنكي بن آقسنقر حينئذ صبيا مع كربوقا، فظهر سقمان عليهم، فألقى الصبي إلى الأرض، وصاح مماليك أبيه: قاتلوا عن زنكي، فصدقوا حينئذ في القتال، فانهزم سقمان، وأسروا ابن أخيه فسجنوه بماردين، وهي لإنسان مغن للسلطان بركياروق، غناه مرة، فأعطاه ماردين، فمضت زوجة أرتق تسأل لصاحب الموصل أن يطلق الشاب من حبس ماردين، فأطلقه، فنزل تحت ماردين، وبقي يفكر كيف يتملكها، وكان الأكراد الذين يجاورونها قد طمعوا في صاحبها المغني، وأغاروا على ضياع ماردين، فبعث ياقوتي ابن أخي سقمان، أعني الذي كان مسجونا بها، إلى صاحبها يقول: قد صار بيننا مودة، وأريد أن أعمر بلدك، وأمنع الأكراد منه، وأقيم في الربض، فأذن له، فبقي يغير من بلاد خلاط إلى أطراف بغداد، وصار ينزل معه بعض أجناد القلعة، وهو يكرمهم، ويكسبون معه، إلى أن صار ينزل معه أكثرهم، فلما عادوا من الغارة أمسكهم وقيدهم، وساق إلى القلعة، فنادى أهاليهم: إن فتحتم الباب وإلا ضربت أعناقهم، فامتنعوا، فقتل إنسانا منهم، فسلموا القلعة إليه، ثم جمع جمعا، وأغار على جزيرة ابن عمر، فجاء صاحبها جكرمش، وكان ياقوتي قد مرض، فأصابه سهم فسقط، وجاء جكرمش، فوقف عليه وهو يجود بنفسه، فبكى عليه، فمضت امرأة أرتق إلى ابنها سقمان، وجمعت التركمان، وطلبت بثأر ابن ابنها، وحاصر سقمان نصيبين، وملك ماردين علي أخو ياقوتي، ودخل في طاعة صاحب الموصل،