للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان ابن يونس يشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن ابن الدّامغانيّ، وتوقَّف مرة في سماع قوله. فلمّا كان هذا اليوم كان قاضي القضاة ممّن يمشي بين يديه. فقيل إنّه قال: لعن اللَّه طول العمر. ثم مات بعد أيام في ذي الحجّة، فوُلّي قضاءَ القضاة بالعراق أبو طالب عليّ بن عليّ ابن البخاري.

وفيها أرسل السّلطان طُغْرُل بن أرسلان بن طُغْرُل بن محمد السلجوقي إلى الديوان يطلب أن تُعمر دار المملكة ليجيء وينزلها، وأن يُسمى في الخطبة. فأمر الخليفة فَهُدمت دار المملكة وأُعيد رسوله بغير جواب. وكان مُستضعف المُلك مع البهلوان ليس له غير الاسم. فلما مات البهلوان قويت نفسه وعسكر، وانضمَّ إليه أمراء.

وحجَّ بالركب العراقي مُجِير الدّين طاشتكين على عادته، وحجَّ من الشام الأمير شمس الدّين محمد بن عبد الملك، المعروف بابن المقدَّم، فضرب كوساته، وتقدَّم من عرفات قبل أصحاب الخليفة، فأرسل طاشتِكين يلومه، فلم يفكّر فيه، فركب طاشتكين في أجناده، إلى قتاله، وتبعه خلق من ركب العراق. ووقع الحرب، وقُتِل من رَكب الشام خلق، ثم أُسِرَ ابن المقدَّم، وجيء به إلى خيمة طاشتكين، وخيطت جراحاته، ثم مات بمِنى ودُفن بها.

قلت: وقد كان من كبار الأمراء النُّوريّة وولي نيابة دمشق للسلطان صلاح الدّين وهو واقف المدرسة المقدّميَّة.

سنة الفتوحات

وفيها كتب السّلطان صلاح الدّين إلى الأقطار يستدعي الأجناد إلى الجهاد. وبرز في أول السنة، ونزل على أرض بُصرى مرتقبًا مجيء الحاجّ ليخفرَهم من الفرنج. وسار إلى الكرك والشَّوبك، فأحرق ضياعهما، وأقام هناك شهرين، واجتمعت الجيوش برأس الماء عند ولده الأفضل، فجهَّز بعثًا فأغاروا على طبرية، وقدِم من الشرق مظفَّر الدّين صاحب إربل بالعساكر، وقدِم بدر الدّين دلدرم على عسكر حلب، وقايماز النَّجْميّ على عسكر دمشق، فساروا مُدلجين حتى صبَّحوا صفورية، فخرجت الفرنج فنصر اللَّه المسلمين،

<<  <  ج: ص:  >  >>