عليه، وله سلف أكرمهم، وإني أحب أن أعرف رأيه - يعني فينا - فقال عمر بن بزيع، والفضل بن الربيع: نحن له، فخرجا من العرج إلى موضع يقال له: خلص، حتى وردا عليه بالبادية في مسجد له، فأناخا راحلتيهما بمن معهما، وأتياه على زي الملوك في حشمة، فجلسا إليه، فقالا: يا أبا عبد الرحمن نحن رسل من وراءنا من أهل المشرق يقولون لك: اتق الله، وإن شئت فانهض، فقال: ويحكما، فيمن ولمن؟ قالا: أنت! قال: والله ما أحب أني لقيت الله - عز وجل - بمحجمة دم مسلم، وأن لي ما طلعت عليه الشمس، فلما آيسا منه قالا: إن معنا عشرين ألفا تستعين بها، قال: لا حاجة لي بها، قالا: أعطها من رأيت، قال: أعطياها أنتما، فلما آيسا منه ذهبا ولحقا بالرشيد، فحدثاه، فقال: ما أبالي ما أصنع بعد هذا، قال: فحج العمري في تلك السنة، فبينا هو في المسعى اشترى شيئا، فإذا بالرشيد يسعى على دابة، فعرض له العمري، فأتاه حتى أخذ بلجام الدابة، فأهووا إليه، فكفهم الرشيد، وكلمه - يعني وعظه - فرأيت دموع الرشيد تسيل على معرفة دابته، ثم انصرف.
وروى علي بن حرب الطائي، عن أبيه قال: مضى هارون الرشيد على حمار، ومعه غلام إلى العمري فوعظه، فبكى الرشيد، وحمل مغشيا عليه.
قال إسماعيل بن أبي أويس: كتب عبد الله العمري إلى مالك، وابن أبي ذئب، وغيرهما بكتب أغلظ لهم فيها، وقال: أنتم علماء تميلون إلى الدنيا وتلبسون اللين، وتدعون التقشف، فكتب له ابن أبي ذئب كتابا أغلظ له، وجاوبه مالك جواب فقيه.
وقيل: إن العمري وعظ الرشيد مرة، فتلقى قوله بنعم يا عم. فلما ذهب أتبعه الأمين والمأمون بكيسين فيهما ألفا دينار، فلما يأخذها، وقال: هو أعلم بمن يفرقها عليه، ثم أخذ من الكيسين دينارا، وقال: كرهت أن أجمع عليه سوء القول وسوء الفعل. وشخص إليه بعد ذلك إلى بغداد، فكره الرشيد مجيئه، وجمع العمريين، وقال: ما لي ولابن عمكم؛ احتملته بالحجاز فأتى إلى دار ملكي يريد أن يفسد علي أوليائي، ردوه عني. قالوا: لا يقبل منا، فكتب إلى الأمير موسى بن عيسى أن يرفق به حتى يرده.
أحمد بن زهير: حدثنا مصعب الزبيري قال: كان العمري جسيما أصفر،