سنة ثلاثٍ وخمسين بسبب الوديعة وليحجَ، وكتب معه النّاصر صاحب الشّام كتاباً إلى الخليفة يشفع فيه في ردّ وديعته، ويخبر برضاه عنه، فسافر ونزل بمشهد الحسين بكربلاء، وسيَّر إلى الخليفة قصيدةً يمدحه ويتلطّفه، فلم ينفع ذلك، وهذه القصيدة:
مقامُك أعلى في الصدور وأعظمُ وحلمك أرجى في النُّفوٍس وأكرمُ فلا عجبٌ إنْ غُصَّ بالشِّعر شاعر ٌ وفُوّهَ مصطكُّ اللهاتِين مُفحمُ إليك أميرَ المؤمنين توجُّهي بوجهِ رجاءٍ عنده منك أنعُمُ إلى ماجد يرجوه كلّ مُمَجّدٍ عظيم ولا يرجوه إلاّ معظَّمُ ركبت إليه ظهْرَ شماء قفرةٍ بها تُسرِجُ الأعداءُ خيلاً وتُلجِمُ وأشجارها ينعٌ، وأحجارها ظبى وأعشابها نبلٌ، وأمواهُها دمُ رميت فيافيها بكلّ نجيبةٍ بنسبتها تعلُو الجذِيلُ وشَدْقَمُ تُجَاذِبنا فضلَ الأزمّة بعدما براهُنَّ موصولٌٌ من السَّيْر مبرمُ تساقيْنَ من خمر الدّلال مُدامةً فلا هنَّ أيقاظٌ، ولا هنّ نوّمُ يطسن الحصى في جمْرة الَقْيظ بعدما غدا يتبع الجبّار كلبٌ ومِرْزَمُ تلوح سباريت الفلا مُسطّراً بأخفافها منه فصيحٌ وأعجمُ تخالُ ابيضاض القاعِ تحت احمرارها قراطيس أوراق علاهنّ عَنْدمُ فلمّا توسّطْن السماوة واغْتدَتْ تلفّتُ نحو الدّار شوْقاً وتُرزِمُ وأصبح أصحابي نشاوى من السُّرى تدور عليهم كرمه وهو مفحمُ تنكَّر للخرّيت بالبِيد عُرْفُهُ فلا عَلَمٌ يعلو ولا النَّجم ينْجُمُ فظلَّ لإِفراط الأسى متندّماً وإن كان لا يُجدي الأسى والتَّنَدُّمُ يشوف الرُّغام ضلّة لهدايةٍ ومن بالرُّغامِ يهتدي فهو يُرْغَِمُ يُناجي فِجاجَ الدّوِّ، والدّوِّ صامتٌ فلا يسمع النَّجْوى، ولا يتكلّمُ على حين قال الظّبي، والظّلُّ قالصٌ وإذ مدت الغبراء، فهي جهنَّمُ ووسّع ميدانُ المنايا لخيله وضاق مجالُ الرّيق والتحمَ الفمُ فوحشُ الرّزايا بالرّزيّة حُضّرٌ وطيرُ المنايا بالمَنيَّةِ حُوَّمُ