للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من كبار أمراء مصر، وحصل له تقدم كثير في دولة ابن أخته، وتوفي لما قدم دمشق في ربيع الأول، ودفن قبالة الرباط الناصري عن نحو خمسين سنة. وعملت له الأعزية والختم، حضر السلطان بعضها عند القبر، ثم نقل تابوته إلى القدس، ودفن عند والده. وكان أبوه من كبار أمراء الخوارزمية (١).

٤٤٠ - محمد بن بيبرس، السلطان الملك السعيد، ناصر الدين، أبو المعالي بركة خان ابن السلطان الملك الظاهر.

ولد سنة ثمان وخمسين في صفرها بالعش من ضواحي القاهرة، وسلطنه أبوه وهو ابن خمس سنين أو نحوها. وبويع بالملك بعد والده وهو ابن ثمان عشرة سنة. وكان شابا مليحا كريما، فيه عدل ولين وإحسان إلى الرعية، ليس في طبعه ظلم ولا عسف؛ بل يحب الخير وفعله.

قدم بالجيوش دمشق في ذي الحجة من سنة سبع، وعملت لمجيئه القباب وأحقها شبحا، وكان يوم دخوله يوما مشهودا.

وكان محببا إلى الرعية، لكنه شاب غر لم يحمل أعباء الملك، وعجز عن ضبط الأمور فتعصبوا لذلك وخلعوه من السلطنة، وعملوا محضرا بذلك، وأطلقوا له سلطنة الكرك فسار إليها بأهله ومماليكه، فلما استقر بها قصده جماعة من الناس، فكان ينعم عليهم ويصلهم، فكثروا عليه بحيث نفد كثير من حواصله، وبلغ ذلك السلطان الملك المنصور فتأثر منه، فيقال: إنه سم. وقيل غير ذلك.

وذكر المؤيد في تاريخه (٢) أن سبب موته أنه لعب بالكرة فتقنطر به فرسه، وحصل له بذلك حمى شديدة، وتوفي بعد أيام.

قلت: ومات عن مرض قليل في منتصف ذي القعدة وله عشرون سنة وأشهر؛ مات بقلعة الكرك ودفن عند جعفر الطيار، ثم نقل إلى تربته بدمشق بعد سنة وخمسة أشهر، ودفن عند والده. ووجدت عليه امرأته بنت الملك المنصور سيف الدين وجدا شديدا، ولم تزل باكية حزينة إلى أن ماتت بعده


(١) من ذيل مرآة الزمان ٤/ ٣٢ - ٣٣.
(٢) المختصر ٤/ ١٣.