فأعطاه الجبلة واللاذقية، وسار على طريق بعلبك في شعبان، ودخل دمشق وخرج منها في أوائل رمضان طالبًا للغزاة.
وأما الملك العادل أخوه فكان نازلًا على تبنين بعساكر مصر متحرّزًا على البلاد من غائلة العدو. وكان صهره سعد الدّين كمشتية الأسدي مُوَكلًا بحصار الكرك، فضاقت الميرة عليهم، ويئسوا من نجدةٍ تأتيهم، فتضرعوا إلى الملك العادل، وترددت الرسل منهم، وهو يشدد حتى دخلوا تحت حكمه، وسلّموا الحصن إلى المسلمين في رمضان لفرط ما نالهم من الجوع والقحط. ثم تسلّم السّلطان الشوبك بالأمان.
وسار السّلطان إلى صفد فنازلها، ووصل إليه أخوه العادل، ودام الحصار عليها إلى ثامن شوال وأُخذت بالأمان، وكان أهلها قد قاربت ذخائرهم وأقواتهم أن تنفد، فلهذا سلّموها، ولو اتكل أخذُها وأخذ الكرك إلى فتحها بأسباب الحصار والنقوب لطال الأمر جدًا.
ثم سار إلى حصن كوكب ونازلها وحاصرها، وأخذها بالأمان في نصف ذي القعدة.
ثم قصد بيت المقدس فدخلها في ثامن ذي الحجة هو وأخوه فعيَّد. وسار إلى عسقلان فرتب أمورها، وجهَّز أخاه إلى مصر. ثم رحل صوب عكا ووصلها في آخر السنة.
قال صاحب مرآة الزمان: وكل صلاح الدّين بحصار كوكب قايماز النجمي، ووكّل بصفد طغريل، وبعث إلى الكرك والشوبك كوخيا وهو صهر السّلطان. وسار في الساحل ففتح أنطرسوس، وكان بها برجان عظيمان، فخربهما، وقتل من كان فيهما.
وأما جَبَلَة فأرسل قاضيها منصور بن نبيل يشير على السّلطان بقصدهما، وأخذ أمانًا لأهل جَبَلَة. وكان إبرنس أنطاكية قد سلَّمها إلى القاضي منصور ووثق به في حفظها، فنازلها صلاح الدّين وأخذها. وامتنع عليه الحصن يومًا، وتسلّمه بالأمان.
وسار إلى اللاذقية، وهي بلد كبير على الساحل، بها قلعتان على تلّ،