وفيها عمل الخليفة مسجدًا عظيمًا ببغداد، وجعل إمامه حنبليًا، وزخرفه، وتقدم إليّ فصليت فيه التراويح.
وتكلمت في رمضان في دار صاحب المخزن وازدحموا، وكان الخليفة حاضرًا.
وفي شوال هبت ريح عظيمة ببغداد، فزلزلت الدنيا بتراب عظيم، حتى خيف أن تكون القيامة. وجاء برد ودام ساعة، ووقعت مواضع على أقوام، ومات بعضهم.
وتهيّأ الوزير ابن رئيس الرؤساء للحج، فقيل: إنه اشترى ستمائة جمل، منها مائة للمنقطعين. ورحل في ثالث أو رابع ذي القعدة، فلما وصل في الموكب إلى باب قطفتا قال رجل: يا مولانا، أنا مظلوم. وتقرّب، فزجره الغلمان، فقال: دعوه. فتقدم إليه، فضربه بسكين في خاصرته، فصاح الوزير: قتلني. ووقع وانكشف رأسه، فغطى رأسه بكمه على الطريق، وضرب ذلك الباطني بسيف. فعاد وضرب الوزير، فهبروه بالسيوف.
وقيل: كانوا اثنين، وخرج منهم شاب بيده سكين فقتل، ولم يعمل شيئًا، وأحرق الثلاثة. وحمل الوزير إلى دار، وجرح الحاجب. وكان الوزير قد رأى أنه معانق عثمان رضي الله عنه، وحكى عنه ابنه أنه اغتسل قبل خروجه، وقال: هذا غسل الإسلام؛ فإني مقتول بلا شك. ثم مات بعد الظهر، ومات حاجبه بالليل.
وعمل عزاء الوزير، فلم يحضره إلا عدد يسير، فتعجب من هذه الحال؛ فإنه قد يكون عزاء تاجر أحسن من ذلك. وكان انقطاع الدولة إرضاءً لصاحب المخزن. ولما كان في اليوم الثاني لم يقعد أولاده، فلما علم السلطان بالحال أمر أرباب الدولة بالحضور فحضروا، وتكلمت على كرسي.
ثم ولي ابن طلحة حجابة الباب، وبعث صاحب المخزن بعلامة بعد ثلاث إلى الأمير تتامش فحضر، فوكل به في حجرة من داره، ونفذ إلى بيته، فأخذت الخيل والكوسات، وكل ما في الدار. واختلفت الأراجيف في نيته، وقيل: إنه اتهم بالوزير، وخيف أن تكون نيته رديئة للخليفة، فقيل إنه كاتب