للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتاب خلق، وقطعت شعورهم. ثم نزلت فمضيت إلى قبر أحمد بن حنبل، فتبعني من حزر بخمسة آلاف.

وفيه أطلق الأمير تتامش إلى داره.

وتقدم المستضيء بعمل دكة بجامع القصر للشيخ أبي الفتح بن المني الحنبليّ، وجلس فيها، فتأثر أهل المذاهب من عمل مواضع للحنابلة.

وكان الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء يقول: ما دخلت قط على الخليفة إلا أجرى ذكر فلان، يعنيني. وصار لي اليوم خمس مدارس، ومائة وخمسون مصنّفا في كل فن. وقد تاب على يدي أكثر من مائة ألف، وقطعت أكثر من عشرة آلاف طائلة، ولم ير واعظ مثل جمعي؛ فقد حضر مجلسي الخليفة والوزير وصاحب المخزن وكبار العلماء، والحمد لله.

وفي رجب عمل المستضيء الدعوة، ووعظت وبالغت في وعظ أمير المؤمنين، فمما حكيته أن الرشيد قال لشيبان: عظني. قال: لأن تصحب من يخوّفك حتى يدركك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمّنك حتى يدركك الخوف. قال: فسّر لي هذا. قال: من يقول لك: أنت مسؤول عن الرعيّة؛ فاتق الله - أنصح لك ممّن يقول: أنتم أهل بيت مغفور لكم، وأنتم قرابة نبيّكم. فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله.

وقلت له في كلامي: يا أمير المؤمنين، إن تكلمت خفت منك، وإن سكتّ خفت عليك، وأنا أقدّم خوفي عليك على خوفي منك.

وفي رمضان جاء مشعبذ، فذكر أنه يضرب بالسّيف والسّكين ولا يؤثر فيه، لكن بسيفه وسكّينه خاصة.

وفيه أخذ ابن قرايا الذي ينشد على الدكاكين من شعر الرافضة، فوجدوا في بيته كتبا في سبّ الصحابة، فقطع لسانه ويده، وذهب به إلى المارستان، فرجمته العوام بالآجرّ، فهرب وسبح وهم يضربونه حتى مات.

ثم أخرجوه وأحرقوه، وعملت فيه العامة كان وكان. ثم تتبّع جماعة من الروافض، وأحرقت كتب عندهم، وقد خمدت جمرتهم بمرّة، وصاروا أذلّ من اليهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>