والتحف. فبعث معزّ الدولة يسأله في ابن شيرزاد، وأن يأذن له في استكتابه.
ودخل في جمادى الأولى دار الخلافة، فوقف بين يدي الخليفة، وأُخذت عليه البيعة بمحضر الأعيان. ثم خلع الخليفة عليه، ولقبه معز الدولة، ولقب أخاه علياً عماد الدولة وأخاهما الحسن ركن الدولة. وضُربت ألقابهم على السكة. ثم ظهر ابن شيرزاد واجتمع بمعزّ الدولة، وقرر معه أشياء منها: كل يوم برسم النفقة للخليفة خمسة آلاف درهم فقط.
وهو أول من ملك العراق من الديلم. وهو أول من أظهر السعاة ببغداد ليجعلهم فيوجاً بينه وبين أخيه ركن الدولة إلى الرِّي. وكان له ركائبيان: فضل، ومرعوش، فكان كل واحد يمشي في اليوم ستة وثلاثين فرسخاً، فغري بذلك شباب بغداد وانهمكوا فيه. وكان يحضر المصارعين بين يديه في الميدان ويأذن للعوام، فمن غلب خلع عليه وأجازه. وشرع في تعليم السباحة، حتى صار السباح يسبح وعلى يده كانون فوقه قدره، فيسبح حتى ينضج اللحم.
وفيها ولي قضاء الجانب الشرقي أبو السائب عتبة بن عبيد الله.
وفيها خُلع المستكفي وسمل. وسبب ذلك أن علم القهرمانة كانت واصلة عند الخليفة وتأمر وتنهى، فعملت دعوةً عظيمة حضرها خُرشيذ الديلمي مقدَّم الديلم، وجماعة من القواد. فاتهمها معزّ الدولة، وخاف أن تفعل كما فعلت مع توزون وتُحلِّف الديلم للمستكفي، فتزول رئاسة معزّ الدولة.
وكان إصفهد الديلمي قد شفع إلى الخليفة في رجل شيعي يثير الفتن، فلم يقبل الخليفة شفاعته، فحقد على الخليفة وقال لمعزّ الدولة: إن الخليفة يراسلني في أمرك لألقاه في الليل. فقوي سوء ظن معزّ الدولة. فلما كان في جمادى الآخرة دخل على الخليفة، فوقف والناس وقوف على مراتبهم، فتقدم اثنان من الديلم فطلبا من الخليفة الرزق، فمد يده إليهما ظناً منه أنهما يريدان تقبيلها، فجذباه من السرير وطرحاه إلى الأرض، وجراه بعمامته. وهجم الديلم دار الخلافة إلى الحُرم. ونهبوا وقبضوا على القهرمانة وخواص الخليفة. ومضى معزّ الدولة إلى منزله، وساقوا المستكفي ماشياً إليه، ولم يبق في دار الخلافة شيء. وخلع المستكفي، وسُملت يومئذٍ عيناه. وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر ويومين. وتوفي بعد ذلك في سنة ثمانٍ وثلاثين وعمره ست