وُلد أبو محمد بقرطبة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وسمع من أبي عمر أحمد بن الجَسور، ويحيى بن مسعود، ويونس بن عبد الله القاضي، وحمام بن أحمد القاضي، ومحمد بن سعيد بن نبات، وعبد الله بن ربيع التميمي، وعبد الله بن محمد بن عثمان، وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمَنْكي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد، وعبد الله بن يوسف بن نامي، وجماعة.
روى عنه أبو عبد الله الحُميدي، وابنه أبو رافع الفضل، وجماعة. وروى عنه بالإجازة أبو الحسن شُريح بن محمد، وغيره.
وأول سماعه من ابن الجَسور في حدود سنة أربعمائة.
وكان إليه المنتهى في الذكاء والحفظ وكثرة العلم. كان شافعي المذهب، ثم انتقل إلى نفي القياس والقول بالظاهر. وكان متفننا في علوم جمة، عاملا بعلمه، زاهدا بعد الرياسة التي كانت لأبيه، وله من الوزارة وتدبير المُلك.
جمع من الكتب شيئا كثيرا، ولا سيما كتب الحديث. وصنّف في فقه الحديث كتابا سمّاه كتاب الإيصال إلى فهْم كتاب الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام والسنة والإجماع، أورد فيه قول الصحابة فمن بعدهم في الفقه، والحجة لكل قول. وهو كتاب كبير. وله كتاب الإحكام لأصول الأحكام في غاية التقصّي، وكتاب الفصل في الملل والنِّحَل، وكتاب إظهار تبديل اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل وبيان تناقض ما بأيديهم مما لا يحتمل التأويل، وهو كتاب لم يُسبق إليه في الحُسن. وكتاب المُجلّى في الفقه مجلّد، وكتاب المحلى في شرح المجلَّى ثمانية أسفار في غاية التقصي. وله كتاب التقريب لحدّ المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية.
وكان شيخه في المنطق محمد بن الحسن المَذحِجي القرطبي المعروف بابن الكتاني، وكان شاعرا طبيبا مات بعد الأربعمائة.
قال الغزالي: وقد وجدت في أسماء الله تعالى كتابا ألّفه أبو محمد بن حزم الأندلسي يدل على عِظم حِفظه وسَيَلان ذهنه.