فضعضع ركننا لما التقينا وراح الموت وانكشف الغطاء وأودى كبشنا والرأس منا كأن بكفه كان القضاء
ثم وجه الأمين عبد الرحمن بن جبلة الأبناوي أمير الدينور بالعدة والقوة، فسار حتى نزل همذان.
وعن عبد الله بن خازم أنه قال: يريد محمد إزالة الجبال، وفل العساكر بالفضل وتدبيره، وهيهات، وهو - والله - كما قيل: قد ضيع الله ذودا أنت راعيها.
وقيل: إن الجيش الذين كانوا مع علي بن عيسى أربعون ألفا في هيئة لم ير مثلها.
وروى عبد الله بن مجالد أن الوقعه اشتد فيها القتال، وأن علي بن عيسى قتل بسهم جاءه، وأن طاهرا بعث بالأسرى والرؤوس إلى المأمون.
وذكر عبد الله بن صالح الجرمي أن عليا لما قتل أرجف الناس ببغداد إرجافا شديدا، وندم محمد على خلعه أخاه، وطمع الأمراء فيه، وشغبوا جندهم بطلب الأرزاق من الأمين، وازدحموا بالجسر يطلبون الأرزاق والجوائز؛ فركب إليهم عبد الله بن خازم في طائفة من قواد الأعراب فتراموا بالنشاب واقتتلوا، فسمع الأمين الضجة فأرسل يأمر ابن خازم بالانصراف، وأمر لهم بأرزاق أربعة أشهر، وزاد في عطائهم، وأمر للقواد بالجوائز، وجهز عبد الرحمن الأبناوي في عشرين ألفا، فسار إلى همذان وضبط طرقها، وحصن سورها، وجمع فيها الأقوات، واستعد لمحاربة طاهر.
وقد كان يحيى بن علي بن عيسى لما قتل أبوه أقام بين الري وهمذان، فكان لا يمر به أحد من المنكسرين إلا حبسه عنده بناء منه أن الأمين يوليه مكان أبيه. فكتب إليه الأمين يأمره بالمقام مع عبد الرحمن الأبناوي، فلما سار يحيى إلى قرب همذان تفرق أكثر أصحابه.
وأما طاهر فقصد مدينة همذان، فأشرف عليها، فالتقى الجيشان وصبر الفريقان وكثرت القتلى، ثم إن عبد الرحمن الأبناوي تقهقر ودخل مدينة همذان فأقام بها يلم شعث أصحابه، ثم زحف إلى طاهر، وقد خندق طاهر على عسكره، فاقتتلوا قتالا شديدا، وجعل عبد الرحمن يحرض أصحابه ويقاتل بيده، وحمل حملات منكرة ما منها حملة إلا وهو يكثر القتل في