ابن أحمد خليفة الطاهرية ببخارى سأله أن يحضر منزله فيقرأ الجامع، والتاريخ على أولاده، فامتنع، فراسله بأن يعقد مجلساً خاصاً لهم، فامتنع، وقال: لا أخص أحداً. فاستعان عليه بحريث بن أبي الورقاء وغيره، حتى تكلموا في مذهبه ونفاه عن البلد، فدعا عليهم. فلم يأت إلا شهر حتى ورد أمر الطاهرية بأن ينادى على خالد في البلد. فنودي عليه على أتان، وأما حريث فابتلي بأهله، ورأى فيها ما يجل عن الوصف، وأما فلان فابتلي بأولاده.
رواها الحاكم عن محمد بن العباس الضبي عن أبي بكر هذا. قلت: كان حريث من كبار فقهاء الرأي ببخارى.
قال محمد بن واصل البيكندي: من الله علينا بخروج أبي عبد الله ومقامه عندنا حتى سمعنا منه هذه الكتب، وإلا من كان يصل إليه؟ وبمقامه في فربر وبيكند بقيت هذه الآثار وتخرج الناس به.
قال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار يقول: جاء البخاري إلى قرية خرتنك على فرسخين من سمرقند، وكان له بها أقرباء فنزل عندهم، فسمعته ليلة يدعو وقد فرغ من صلاة الليل: اللهم قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك. فما تم الشهر حتى مات، وقبره بخرتنك.
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت غالب بن جبريل، وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله، يقول: أقام أبو عبد الله عندنا أياماً فمرض، واشتد به المرض حتى وجه رسولاً إلى سمرقند في إخراج محمد. فلما وافى تهيأ للركوب، فلبس خفيه وتعمم، فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضده، ورجل آخر معي يقود الدابة ليركبها، فقال رحمه الله: أرسلوني فقد ضعفت. فدعا بدعوات، ثم اضطجع، فقضى رحمه الله، فسال منه من العرق شيء لا يوصف. فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه. وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا أن: كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة. ففعلنا ذلك. فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك، فدام ذلك أياماً. ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره، فجعل الناس يختلفون ويتعجبون. وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر، حتى ظهر القبر، ولم نكن نقدر على حفظ القبر بالحراس، وغلبنا على أنفسنا، فنصبنا على القبر خشباً مشبكاً لم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر. وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياماً كثيرة، حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا من ذلك. وظهر