الزمان، ويقوم الليل، وعفا عن كل من عرفه بفساد وأحسن إليه، ومنع من أذية من آذاه.
قال السلفي: حدثني عبد السلام بن علي القيسراني المعدل بمصر، قال: حدثني شيوخ بغداد أن القائم لم يسترد شيئاً مما نهب من قصره إلا بالثمن، ويقول: هذه أشياء احتسبناها عند الله. وأنه منذ خرج من مقر عزه ما وضع رأسه على مخدة. وحين نهبوا قصره لم يجدوا فيه شيئاً من آلات الملاهي.
قال الخطيب في تاريخه: ولم يزل أمره مستقيماً إلى أن قبض عليه في سنة خمسين. وكان السبب في ذلك أن أرسلان التركي البساسيري كان قد عظم أمره واستفحل شأنه، لعدم نظرائه، وانتشر ذكره، وتهيبته أمراء العرب والعجم، ودعي له على المنابر، وجبى الأموال، وخرب القرى. ولم يكن القائم يقطع أمراً دونه. ثم صح عنده سوء عقيدته، وشهد عنده جماعة أن البساسيري عرفهم وهو بواسط عزمه على نهب دار الخلافة، والقبض على أمير المؤمنين، فكاتب الخليفة أبا طالب محمد بن ميكال سلطان الغز المعروف بطغرلبك، وهو بالري، يستنهضه في القدوم. ثم أحرقت دار البساسيري، وقدم طغرلبك في سنة سبع وأربعين، فذهب البساسيري إلى الرحبة، وتلاحق به خلق من الأتراك، وكاتب صاحب مصر، فأمده بالأموال، ثم خرج طغرلبك بعد سنتين إلى نصيبين، ومعه أخوه ينال في سنة خمسين، فخالف عليه أخوه، وسار بجيش عظيم وطلب الري، وكان البساسيري قد كاتبه وطمعه بمنصب أخيه طغرلبك، فسار طغرلبك في أثر أخيه، فتفرقت عساكره، وتواقع هو وأخوه بهمذان، فظهر عليه ينال وحصره بهمذان. فعزم الوزير الكندري والخاتون زوجة طغرلبك وابنها على نجدة طغرلبك، فاضطرب أمر بغداد، وأرجفوا بمجيء البساسيري، فبطل عزم الوزير، فهمت خاتون بالقبض عليه وعلى ابنها، ففرا إلى الجانب الغربي، وقطعا الجسر، فنهبت دورهما، ومضت هي بجمهور الجيش نحو همذان، وخرج ابنها والوزير نحو الأهواز. فلما كان في ذي القعدة وصل البساسيري إلى الأنبار، ولم يحضر الخطيب يوم الجمعة، ونزلوا من المئذنة، فأخبروا أنهم رأوا عسكر البساسيري. وصلى