وتوجه إلى الشام في الحادي والعشرين من ربيع الأول في طائفة يسيرة من الأمراء، وقاسوا مشقة من البرد، بلغه أن ابن أخت زيتون الملك خرج من عكا في عسكر، يقصد عسكر صفد، فسار السلطان واجتمع بعسكر صفد بمكان عيَّنه، ثم سار إلى عكا فصادف ابن أخت زيتون قد خرج فكسره وأسره في جماعة من أصحابه، وقتل من عسكره مقتلة، ثم أغار على المرقب فصادف أمطاراً وثلوجاً، فرجع إلى حمص، وأقام بها نحواً من عشرين يوماً.
ثم سار إلى تحت حصن الأكراد وأقام يسير كل يوم نحوها، ويعود من غير قتال، فبلغه أن مراكب الفرنج وصلت إلى ميناء الإسكندرية، وأخذت مركبين للمسلمين، فرحل لوقته وساق فدخل القاهرة في ثاني عشر شعبان.
وفيها قدم صارم الدّين مبارك بن الرَّضي مقدَّم الإسماعيلية بهدية إلى السلطان، وشفع فيه صاحب حماة، فكتب له السلطان بالنيابة على حصون الإسماعيلية، على أن تكون مصياف وبلدها خاصاً للملك الظاهر، وبعث السلطان معه نائباً من جهته على مصياف وهو عز الدّين العديمي، فلما وصلوا امتنع أهل مصياف، وقالوا لا نسلمها للصارم فإنه كاتب الفرنج ونحن نسلمها للعديمي؛ وقالوا له: تعال إلينا من الباب الشرقي، فلما فتحوا له هجم معه الصارم وبذل السيف وقتل منهم خلقاً وتسلم هو والعديمي القلعة، ثم غلب الصارم على البلد، وأزال عنه يد العديمي.
واتفق مجيء نجم الدّين حسن ابن الشعراني إلى السلطان، ومعه تقدمة سنيّة، فقدمها عند حصن الأكراد، فكتب له السلطان بالقلاع وهي: الكهف، والخوابي، والعُلّيقة، والرصافة، والقدموس، والمينقة، ونصف جبل السماق، وقرر عليه أن يحمل في كل سنة مائة وعشرين ألف درهم، ثم أخرج الصارم من مصياف نائب السلطان وعصى، فسار إليه صاحب حماة فنزل الصارم وذل، ثم عاد إليها العديمي وحمل الصارم إلى مصر فحبس بها.