وجاء الخبر في المحرّم أنّ الروم، لعنهم الله، وردوا مع تقفور، فأحاطوا بأنطاكية، وملكوها بالأمان فيما أحسب، فأخرجوا أهلها منها، فأطلقوا العجائز والشيوخ والأطفال، وقالوا: امضوا حيث شئتم. وأخذوا الشباب والصّبايا والغلمان سبياً، فكانوا أكثر من عشرين ألفاً.
وكان تقفور قد عتى وتجبّر وقهر البلاد وعظمت هيبته، وتزوّج امرأة الملك الذي قبله على كره منها، وكان لها ولدان، فأراد أن يخصيهما ويهديهما للبيعة ويستريح منهما لئلاّ يملّكا، فعلمت زوجته بذلك، فأرسلت إلى الدّمستق ليأتي إليها في زيّ النساء ومعه جماعة في زي النساء فجاؤوا وباتوا عندها ليلة الميلاد فقتلوه، وأجلس في الملك ولدها الأكبر.
وفي ذي الحجّة انقضّ بالعراق كوكب عظيم أضاءت منه الدنيا حتى صار كأنّه شعاع الشمس، وسمع بعد انقضاضه صوت كالرّعد الشديد.
وحجّ بالناس من بغداد أبو أحمد النقيب والد المرتضى والرّضي.
[سنة ستين وثلاثمائة]
أقامت الرافضة رسم يوم عاشوراء من النّوح واللطم والبكاء وتعليق المسوح وغلق الأسواق، وعملوا العيد والفرح يوم الغدير، وهو ثامن عشر ذي الحجّة.
وفي أول صفر لحق المطيع لله سكتة، آل الأمر فيها إلى استرخاء جانبه الأيمن وثقل لسانه.
وفيها تقلد قضاء القضاة أبو أحمد بن معروف، وقبل شهادة أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي وولاّه القضاء على الجانب الشرقيّ من بغداد. ووثبت العامّة بالمطهّر بن سليمان، ونسبوه إلى القول بخلق القرآن.
وفي صفر أعلن المؤذّنون بدمشق بحيّ على خير العمل، بأمر جعفر بن فلاح نائب دمشق للمعزّ بالله، ولم يجسر أحد على مخالفته. وفي جمادى الآخرة أمرهم بذلك في الإقامة، فتألّم الناس لذلك، وهلك لعامه.