روى عنه محمد بن محمد بن محمد بن واقا، وأبو الفتوح ابن الحصري، والحافظ عبد الغني.
وهو ابن أخت الحافظ أبي سعد البغدادي.
٣٥٩ - هبة الله بن أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد ابن البخاري، أبو المظفر، ابن عم قاضي القضاة أبي طالب.
تفقه على مذهب الشافعي، وبرع في علم الكلام. وولاه أمير المؤمنين الناصر نيابة الوزارة إلى أن مات في المحرم؛ بقي فيها بعض سنة.
٣٦٠ - وشاح بن جواد بن أحمد، أبو طاهر البغدادي، الضرير.
سمع أبا طالب عبد القادر بن يوسف، أخذ عنه أبو محمد ابن الأخضر، وغيره.
توفي في شعبان.
٣٦١ - يوسف بن عبد المؤمن بن علي، السلطان أبو يعقوب صاحب المغرب.
لمّا مات عبد المؤمن في سنة ثمان وخمسين كان قد جعل الأمر بعده لابنه الأكبر محمد، وكان لا يصلح للملك لإدمانه الخمور وكثرة طيشه، وقيل: كان به أيضًا جذام. فاضطرب أمره، وخلعه الموحّدون بعد شهر ونصف. ودار الأمر بين أخويه يوسف وعمر، فامتنع عمر وبايع أخاه مختارًا، وسلّم إليه الأمر، فبايعه الناس، واتّفقت عليه الكلمة بسعي أخيه عمر، وأمّهما هي زينب بنت موسى الضرير.
وكان أبو يعقوب أبيض بحمرة، أسود الشعر، مستدير الوجه، أفوَه، أعيَن، إلى الطّول ما هو، حلو الكلام، في صوته جهارة، وفي عبارته فصاحة. حلو المفاكهة، له معرفة تامّة باللغة والأخبار. قد صرف عنايته إلى ذلك لمّا ولي لأبيه إشبيلية، وأخذ عن علمائها، وبرع في أشياء من القرآن والحديث والأدب.
[١٢/ ٦٤٧] قال عبد الواحد بن علي التّميميّ في كتاب المعجِب: صحّ عندي أنّه كان يحفظ أحد الصحيحين، غالب ظنّي أنّه البخاري. وكان سديد الملوكيّة، بعيد الهمّة، سخيًّا، جوادًا، استغنى الناس في أيّامه، وتموّلوا.
قال: ثم إنّه نظر في الفلسفة والطب، وحفظ أكثر الكتاب الملكيّ. وأمر بجمع كتب الفلاسفة، فأكثر منها وتطلّبها من الأقطار. وكان ممّن صحبه أبو بكر محمد بن طُفيل الفيلسوف، وكان بارعًا في علم الأوائل، أديبًا، شاعرًا، بليغًا، فكان أبو يعقوب شديد الحبّ له. بلغني أنّه كان يقيم عنده في القصر أيّامًا ليلًا ونهارًا، وكان هو الذي نبّه على قدر الحكيم أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المتفلسف، وسمعت أبا بكر بن يحيى القرطبي الفقيه يقول: سمعت الحكيم أبا الوليد يقول: لمّا دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طُفيل فقط، فأخذ أبو بكر يُثني عليّ ويُطريني، فكان أوّل ما فاتحني به أمير المؤمنين أن قال لي: ما رأيهم، يعني الفلاسفة، في السماء، أقديمة أم حادثة؟ فأدركني الخوف فتعلّلت وأنكرت اشتغالي بعلم الفلسفة، ففهم مني الرَّوع، فالتفت إلى ابن طفيل وجعل يتكلّم على المسألة، ويذكر قول أرسطو فيها، ويورد احتجاج أهل الإسلام على الفلاسفة، فرأيت منه غزارة حفظ لم أظنّها في أحد من المشتغلين. ولم يزل يبسطني حتّى تكلّمت، فعرف ما عندي من ذلك. فلمّا قمت أمر لي بخلعةٍ ودابّةٍ ومال.
وقد وَزَرَ لأبي يعقوب أخوه عمر أيّامًا، ثم رفع قدره عنها، وولّى أبا العلاء إدريس بن جامع إلى أن قبض عليه سنة سبع وسبعين، وأخذ أمواله، واستوزر وليّ عهده ولده يعقوب، وكتب له أبو محمد عيّاش بن عبد الملك بن عيّاش كاتب أبيه، وأبو القاسم القالميّ، وأبو الفضل جعفر بن أحمد بن محشوة البِجّائيّ. وكان على ديوان جيشه أبو عبد الرحمن الطّوسيّ. وكان حاجبه مولاه كافور الخَصيّ. وكان له من الولد ستة عشر ذَكَرًا منهم صديقي يحيى، قال: ومنه تلقّيت أكثر أخبارهم. ولم أر في الملوك ولا في السّوقة مثله.