مسلم في الناس، فلما دنا مني ترجل ومشى وقبل يدي، فنزلت وأقمت ثلاثة أيام لا يسألني عن شيء، ثم سألني فأخبرته قال: فعلها أبو سلمة أنا أكفيكموه، فدعا مرار بن أنس الضبي، فقال: انطلق إلى الكوفة فاقتل أبا سلمة حيث لقيته، فأتى الكوفة فقتله بعد العشاء، وكان يقال له: وزير آل محمد، ولما رأى أبو جعفر عظمة أبي مسلم بخراسان وسفكه للدماء ورجع من عنده قال لأخيه أبي العباس: لست بخليفة إن تركت أبا مسلم حياً، قال: كيف؟ قال: والله ما يصنع إلا ما يريد، قال: فاسكت واكتمها.
وأما الحسن بن قحطبة فإنه استمر على حصار يزيد بن عمر بن هبيرة بواسط، وجرت بينهم حروب يطول شرحها، ودام القتال والحصر أحد عشر شهراً، فلما بلغهم قتل مروان الحمار ضعفوا وطلبوا الصلح، وتفرغ أبو جعفر فجاء في جيش نجدة لابن قحطبة وجرت السفراء بين أبي جعفر وبين ابن هبيرة حتى كتب له أماناً، مكث ابن هبيرة، وهو يشاور فيه العلماء أربعين صباحاً حتى رضيه ابن هبيرة وأمضاه السفاح، وكان رأي أبي جعفر الوفاء به، وكان السفاح لا يقطع أمراً ذا بال دون أبي مسلم ومشاروته، وكان أبو الجهم عيناً لأبي مسلم بحضرة السفاح، فكتب أبو مسلم إليه: إن الطريق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد، ولا والله لا يصلح طريق فيه ابن هبيرة، وخرج ابن هبيرة إلى أبي جعفر وفي خدمته من خواصه ألف وثلاث مائة، وهم أن يدخل الحجرة على فرسه، فقام إليه الحاجب سلام وقال: مرحباً أبا خالد انزل، وقد أطاف بالحجرة من الخراسانية عشرة آلاف فأدخله الحاجب وحده، فحدثه ساعة ثم قام، فلم يزل ينقص من كثرة الحشم حتى بقي في ثلاثة، وألح السفاح على أبي جعفر يأمره بقتله وهو يراجعه، فلما زاد عليه أزمع على قتله، وجاء خازم بن خزيمة والهيثم بن شعبة فختما بيوت الأموال التي بواسط، ثم بعث إلى وجوه من مع ابن هبيرة فأقبلوا، وهم: محمد بن نباتة، وحوثرة بن سهيل، وطارق بن قدامة، وزياد بن سويد، وأبو بكر بن كعب، والحكم بن بشر، في اثنين وعشرين رجلاً من وجوه القيسية، فخرج سلام