فقلنا: لمن هذا الشعر؟ فقال: لمن أنشدكموه. قلنا: ومن تكون؟ قال: أبو تمام حبيب بن أوس. فرفعناه وجعلناه كأحدنا، ثم ترقت حاله، وكان من أمره ما كان.
والمذل: الخدر الفاتر.
وقيل للبحتري: يزعمون أنك أشعر من أبي تمام. فقال: والله ما ينفعني هذا القول، ولا يضر أبا تمام. والله ما أكلت الخبز إلا به. ولوددت أن هذا الأمر كما قالوا. ولكني والله تابع له لائذ به.
ومن شعره حيث يقول في قصيدته الدالية:
ولم تعطني الأيام نوما مسكنا ألذ به إلا بنوم مشرد وطول مقام المرء بالحي مخلق لديباجتيه، فاغترب تتجدد فإني رأيت الشمس زيدت محبة إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد وقيل: إن الحسن بن وهب الكاتب مرض، فكتب إليه أبو تمام:
يا حليف الندى ويا تؤام الجو د ويا خير من حبوت القريضا ليت حماك بي وكان لك الأجـ ـر فلا تشتكي وكنت المريضا وله:
وإن أولى البرايا أن تواسيه لدى السرور لمن واساك في الحزن إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن وله:
غدا الشيب مختطا بفودي خطة طريق الردى منها إلى النفس مهيع هو الرزء يجفى، والمعاشر يجتوى وذو الإلف يقلى والجديد يرقع له منظر في العين أبيض ناصع ولكنه في القلب أسود أسفع وله:
ألم ترني خليت نفسي وشأنها فلم أحفل الدنيا ولا حدثانها لقد خوفتني الحادثات صروفها ولو أمنتني ما قبلت أمانها يقولون: هل يبكي الفتى لخريدة متى ما أراد اعتاض عشرا مكانها؟