الوليد بن سعد فبلغ الخبر أبا الجهم فاجتمع بموسى بن كعب، وعبد الحميد بن ربعي، وسلمة بن محمد، وإبراهيم بن سلمة، وعبد الله الطائي، وإسحاق بن إبراهيم، وشراحيل، وابن بسام وجماعة من كبار شيعتهم فدخلوا على آل العباس، فقال: أيكم عبد الله بن محمد ابن الحارثية؟ فأشاروا إلى السفاح، فسلموا عليه بالخلافة، ثم خرج السفاح يوم الجمعة على برذون أبلق فصلى بالناس بالكوفة فذكر أنه لما صعد المنبر وبويع قام عمه داود بن علي دونه.
فقال السفاح: الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه فكرمه وشرفه وعظمه واختاره لنا، وأيده بنا وجعلنا أهله وكهفه وحصنه والقوام به والذابين عنه، ثم ذكر قرابتهم في آيات القرآن إلى أن قال: فلما قبض الله نبيه قام بالأمر أصحابه إلى أن وثبت بنو حرب ومروان، فجاروا واستأثروا فأملى الله لهم حيناً حتى آسفوه فانتقم منهم بأيدينا ورد علينا حقنا ليمن بنا على الذين استضعفوا في الأرض وختم بنا كما افتتح بنا وما توفيقنا أهل البيت إلا بالله، يا أهل الكوفة، أنتم محل محبتنا ومنزل مودتنا لم تفتروا عن ذلك ولم يثنكم عنه تحامل أهل الجور فأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا وقد زدت في أعطياتكم مائة مائة، فاستعدوا فأنا السفاح المبيح والثائر المبير، وكان موعوكاً فجلس.
وخطب داود فأبلغ، ثم قال: وإن أمير المؤمنين نصره الله نصراً عزيزاً إنما عاد إلى المنبر بعد الصلاة؛ لأنه كره أن يخلط بكلام الجمعة غيره وإنما قطعه عن استتمام الكلام شدة الوعك فادعوا له بالعافية، فقد أبدلكم الله بمروان عدو الرحمن وخليفة الشيطان المتبع لسلفه المفسدين في الأرض الشاب المكتهل، فعج الناس له بالدعاء.
وكان عيسى بن موسى إذا ذكر خروجهم من الحميمة يريدون الكوفة، قال: إن أربعة عشر رجلاً خرجوا من ديارهم يطلبون ما طلبنا لعظيمة همتهم شديدة قلوبهم.
وأما إبراهيم بن محمد فإن مروان قتله غيلة، وقيل: بل مات بالسجن بحران من طاعون، وكان قد وقع بحران وباء عظيم، وهلك في السجن