قال أبو عمر ابن الحذاء: ما لقيت أتمّ ورعا ولا أحسن خلقا ولا أكمل علما منه، كان يختم القرآن على قدميه في كلّ يوم وليلة، ولم يأكل اللحم من أول الفتنة إلاّ من طير أو حوت أو صيد، وكان من كرام النّاس على توسط ماله، وكان أحفظ النّاس لمذهب مالك وأصحابه وأقواهم احتجاجا له، مع علمه بالحديث الصحيح والسقيم، والرّجال، والعلم باللغة والنحو والقراءات والشعر، وكان محمودا في بلده، مطلوبا لعلمه وفضله، توفي لليلتين بقيتا من شوال بمرسية، ودفن في قبلة جامعها، وولد سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.
١٨٩ - محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن محمد، أبو عبد الرحمن النيلي الفقيه الشافعي.
من كبار أئمة خراسان، كان إماما فقيها زاهدا، صالحا، كبير القدر، له شعر جيد، عمّر ثمانين سنة، وحدث عن: أبي عمرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وغيرهما، وأملى مدة، وكان له ديوان شعر.
روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر، وأحمد بن عبد الملك المؤذن.
١٩٠ - محمد بن عليّ بن الطيب، أبو الحسين البصري المعتزلي، صاحب المصنفات الكلامية.
كان من فحول المعتزلة، كان فصيحا متفننا، حلو العبارة، بليغا. صنف المعتمد في أصول الفقه، وهو كبير، وكتاب صلح الأدلة في مجلدتين، وكتاب غرر الأدلة، في مجلد، وكتاب شرح الأصول الخمسة، وكتاب الإمامة، وكتابا في أصول الدين على قواعد المعتزلة، وتنبه الفضلاء بكتبه واعترفوا بحذقه وذكائه.
قال أبو بكر الخطيب: كان يروي حديثا واحدًا حدّثنيه من حفظه، قال: أخبرنا هلال بن محمد، قال: أخبرنا الغلابيّ، وأبو مسلم الكجي، ومحمد