ودخل البريديون البصرة واطمأنوا، فساق ابن رائق بنفسه إلى البصرة في نصف شوّال. فهرب البريدي إلى جزيرة أوال، ووافاه بجكم. وسار ابن رائق وجيشه ليدخلوا البصرة، فقاتلهم أهلها ومنعوهم لظلمهم.
وذهب البريدي إلى فارس، واستجار بعلي بن بويه فأجاره، وأنفذ معه أخاه أبا الحسين أحمد بن بويه لفتح الأهواز. وبلغ ابن رائق ذلك، فجهز بجكم إلى الأهواز، فقال: لست أحارب هؤلاء إلا بعد أن تحصل لي إمارتها وخراجها. فقال ابن رائق: نعم. وأمضى له ذلك على مائة وثلاثين ألف دينار في السنة.
ودام أهل البصرة على عصيان ابن رائق لسوء سيرته، فحلف إن تمكن من البصرة ليجعلها رماداً. فازدادا غيظهم منه.
وفيها: ولي إمرة دمشق بدير مولى محمد بن طغج، فأقام بها إلى سنة سبع وعشرين. وقدم محمد بن رائق دمشق، فأقام بها، وزعم أن المتقي ولاه إياها، وأخرج بديراً. ثم ولي بدير دمشق بعد ذلك من قبل كافور الإخشيدي.
وأما البريديون فهم ثلاثة من الكتّاب: أبو عبد الله، وأبو الحسين، وأبو يوسف. كان أبوهم كاتباً على البريد بالبصرة، فغلبوا على الأهواز وجرت لهم قصص، ثمّ اختلفوا وتمزقوا.
وفيها: سار علي بن عبد الله بن حمدان إلى مصر، فتغلب عليها لما خرج عنها بدر الخرشني إلى العراق.
ولم يجسر أحد أن يحج هذا العام.
وفيها: أسس أمير الأندلس الناصر لدين الله الأموي مدينة الزهراء. وكان منتهى الإنفاق في بنائها كل يوم ما لا يحد، يدخل فيها كل يوم من الصخر المنحوت ستة آلاف صخرة، سوى التبليط. وجلب إليها الرخام من أقطار المغرب، ودخل فيها أربعة آلاف وثلاثمائة سارية، منها ثلاث وعشرون سارية ملونة. وأهدى له ملك الفرنج أربعين سارية رخام. وأما الوردي والأخضر فمن إفريقية، والحوض المذهب جلب من القسطنطينية، والحوض الصغير عليه صورة أسد، وصورة غزال، وصورة عقاب، وصورة