للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُقادي أبى إلّا مفارقة الجفْن … وقلبي نأى إلّا عن الوجْد والحُزْنِ

أبيت وراحي أدمُعي وكآبتي … كؤوسي وحزني مؤنسي والأسى خَدْني

وأضْحى وطَرْفي يحسد العُمي إذ يرى … حِمَى المجد تغشاه الخطوب بلا إذنِ

ألا فِي سبيل المجْد وجْدٌ وأدمُعٌ … وهبتهما للبَرْق إن كلَّ والمُزْنِ

لأنّهما سنّا الحدادَ وأقبلا … يزوران فِي سود الملابس والدُكَنِ

ثَوَى المجْدُ فِي حَزْنٍ من الأرض فاغتدت … تتيه على سَهْل الربى رَوْضَةُ الحَزْنِ

وكان لوفد الجود مغناه كعبةً … يطوفون منها من يمينه بالركنِ

فأضحت وهذا القلب مرمى جمارها … وأمست وهذا الجفن مجرى دمِ البُدْنِ

غدت بعده كأسُ العلوم مريرةً … وكانت به من قبلُ أحلا من الأمنِ

كأنّ سماء الدَّسْت من بعد شخصه … تغشّى محيّاها عبوسٌ من الدَجْنِ

كأن غروس الفضل عزت قطوفها … وطالت وقد غاب المذلل والمدني

أمرُّ على مغناه كي يذهب الأسى … كعادته الأولى فيُغري ولا يُغني

وتنثر عيني لؤلؤًا كان كلّما … يساقطه مِن فِيهِ تلقطه أذني

وأحسد عجم الطّير فِيهِ لأنّها … تزيد على إعراب نظمي باللّحنِ

وأقسم أنّ الفضل مات لموته … ويخطر فِي ذهني أخوه فأستثني (١)

ورثاه شهاب الدّين أيضًا بقصيدةٍ أوْلها:

أقِم يا ساريَ الخطب الذّميم … فقد أدركت مجد بني العديم

هدمت - وكنت تقصّر عَنْهُ - بيتًا … له شرف يطول على النّجومِ

عثرتَ وقد ضللت بطود علمٍ … أما تمشي على السَّنَن القويم

منها:

صحيح الزهد غادره تقاه … وخوف الله كالنضو السّقيمِ

وكم قد بات وهو من الخطايا … سليم النّفس فِي ليل السّليمِ (٢)

٣٧٨ - عبد الرحيم بن عبد الحميد بن محمد بن ماضي المقدسي، أخو شيختنا هدية.

رجل خير، مات بمصر في ذي القعدة.


(١) القصيدة في ذيل مرآة الزمان ٣/ ٣١٩ - ٣٢٠.
(٢) القصيدة في ذيل مرآة الزمان ٣/ ٣١٨ - ٣١٩.