مرارا وضجر من سوء أدب الحاشية، فتنكر المقتدر عليه لذلك، واتفق أن أم موسى القهرمانة جاءت إليه لتوافقه على ما يطلق في العيد للحرم من الضحايا، وصرفها حاجبه، فغضبت وأغرت به السيدة والمقتدر، فصرف ولم يتعرض لشيء من ماله، فاعتقل، وأعيد أبو الحسن بن الفرات، وخلع عليه سبع خلع يوم التروية، وركب مؤنس والقواد بين يديه، وردت عليه ضياعه، ثم أطلق ابن عيسى لكن صودر أخواه إبراهيم وعبيد الله، وأخذ منهما مائة ألف دينار وعزلا.
وفيها: عصى يوسف بن أبي الساج بأذربيجان، فسار مؤنس، فظفر به وأسره بعد حرب طويل.
وتوفي فيها زيادة الله بن عبد الله بن الأغلب الذي كان صاحب القيروان، وكان هو وأبوه من أمراء القيروان، ورد زيادة الله منهزما من المهدي الخارجي إلى مصر فأكرم، وقيل: إنه مات بالرقة، وقيل: بالرملة.
[سنة خمس وثلاث مائة]
فيها: قدمت رسل ملك الروم بهدايا يطلب عقد هدنة، فأشحنت رحاب دار الخلافة والدهاليز بالجند والسلاح، وفرشت سائر القصور بأحسن الفرش، ثم أحضر الرسولان والمقتدر على سريره، والوزير ومؤنس الخادم قائمان بالقرب منه.
وذكر الصولي وغيره احتفال المقتدر، فقالوا: أقام المقتدر العساكر، وصفهم بالسلاح، وكانوا مائة وستين ألفا، وأقامهم من باب الشماسية إلى دار الخلافة، وبعدهم الغلمان، وكانوا سبعة آلاف خادم، وسبع مائة حاجب.
ثم وصف أمرا مهولا فقال: كانت الستور ثمانية وثلاثين ألف ستر من الديباج، ومن البسط اثنان وعشرون ألفا، وكان في الدار قطعان من الوحش، قد تأنست، وكان فيها مائة سبع في السلاسل، ثم أدخلا دار الشجرة، وكان في وسطها بركة والشجرة فيها، ولها ثمانية عشر غصنا، عليها الطيور مذهبة ومفضضة، وورقها مختلف الألوان، وكل طائر من هذه الطيور المصنوعة