ثم دخلوا الري وقتلوا وسبوا، ووصلوا إلى زنجان فبدعوا، ثم عطفوا إلى قزوين فحاصروها وأخذوها بالسيف، وقتل من الفريقين ما لا يحصى، قيل: بلغوا أربعين ألفاً.
ثم ساروا إلى أذربيجان فاستباحوها. ثم نازلوا تبريز وبها ابن البهلوان، فصالحهم على مالٍ وتحفٍ، فساروا عنه ليشتوا على ساحل البحر، لأنه قليل البرد وبه المرعى، فوصلوا إلى مُوقان، وتطرقوا إلى بلاد الكُرج، فبرز لهم من الكرج عشرةٌ آلاف مقاتل، فحاربوهم ثم انهزموا، فتبعهم التتار إلى قرب تفليس وذلك في ذي القعدة من سنة سبع عشرة.
ثم ساروا إلى مراغة، وكانت لامرأة، فحاصروها، ثم ملكوها بالسيف، وقتلوا ما لا يحصى، واختفى خلق، فكان التتار يأخذون الأسرى ويقولون: نادوا في الدروب: إن التتار قد رحلوا. فإذا نادى أولئك خرج من اختفى فيقتلونه حتى قيل إن رجلاً من التتار دخل درباً فيه ما يزيد على مائة رجل، فما زال يقتل واحداً واحداً حتى أفناهم، ولا يمد أحد منهم يدهُ إليه بسوء، نعوذ بالله من الخذلان.
ثم رحلوا إلى نحو إربل فاجتمع بعض عسكر العراق وعسكر الموصل مع مظفر الدين، فلما سمعوا باجتماع العساكر تقهقروا ظناً منهم أن العسكر يتبعهم، فلما لم يروا أحداً تبعهم أقاموا. وأقام العسكر عند دقوقاً، ثم عادوا إلى بلادهم إلى همذان وغيرها، وجعلوا لهم بها شحنة، وأرسلوا إليه يأمرونه ليطلب لهم من أهلها أموالاً وقماشاً، ولم يكن خلوا لهم شيئاً، فاجتمع العامة عند الرئيس بهمذان، ومعهم رجل فقيه قد قام في اجتماع الكلمة على الكفار، فقال لهم الرئيس العلوي: كيف الحيلة ونحن نعجز عنهم؟ فما لنا إلا مصانعتهم بالأموال. فقالوا له: أنت أشد علينا من الكفار، وأغلظوا له، فقال: أنا واحدٌ منكم فاصنعوا ما شئتم، فوثبوا على الشحنة فقتلوه، وتحصنوا، فتقدم التتار وحاصروهم، فخرج لحربهم العامة والرئيس والفقيه في أوائلهم، فقتلوا من التتار خلقاً، وجُرح الفقيهُ عدة جراحاتٍ، وافترقوا، ثم خرجوا من الغد، فاقتتلوا أشد قتال، وقُتل من التتر أكثر من اليوم الأول. وأرادوا الخروج في اليوم الثالث فعجز الفقيه عن الركوب من الجراحات، وطلب الناسُ الرئيس، فإذا به قد هرب في سرب صنعه إلى ظاهر البلد هو وأهله إلى قلعة هناك،