بركة زيزا، فكبسه كتبغا، فهرب، ثم أتى التّتار بالأمان، فكان معهم في ذل وهوان، وكان قد هرب إلى البراري، فساقوا خلفه، فأخذوه وقد بلغت عنده الشربة الماء نحو مائة دينار، فأتوا به إلى مقدم التّتار كتبغا وهو يحاصر عجلون، فوعده وكذبه، وسقاه خمرا صرفا، فسكر، وطلبوا منه تسليم قلعة عجلون، فجاء إلى نائبها، وأمره بتسليمها ففعل، ودخلها التّتار، فنهبوا جميع ما فيها، ثم ساروا بالناصر وأخيه إلى هولاكو.
قال قطب الدّين: فأكرمه وأحسن إليه، فلما بلغه كسر عسكره بعين جالوت غضب، وأمر بقتله، فاعتذر إليه، فأمسك عن قتله، لكن أعرض عنه، فلما بلغه كسرة بيدره على حمص استشاط غضبا، وقتله ومن معه، سوى ولده الملك العزيز.
وقيل: إن قتل الناصر عقيب عين جالوت في الخامس والعشرين من شوال سنة ثمانٍ، وعاش إحدى وثلاثين سنة وأشهرا، فيقال: قُتل بالسيف، وقيل: إنه خص بعذابٍ دون أصحابه.
قلت: وكان مليح الشكل، أحول، وله شعر، فروى شيخنا الدّمياطيّ عن علي بن أبي الفرج النحوي، قال: أنشدنا السلطان الملك الناصر يوسف لنفسه:
البدر يجنح للغروب ومهجتي أسفا لأجل غروبه تتقطع والشرب قد خاط النعاس جفونهم والصبح في جلبابه يتطلع وقد اشتهر عنه أنه لما مر به التّتار على حلب وهي خاويةٌ على عروشها، قد هدت أسوارها، وهدمت قلتعها، وأحرقت دورها الفاخرة، وباد أهلها، وأصبحت عبرة للناظرين، انهل ناظره بالعبرة وقال:
يعز علينا أن نرى ربعكم يبلى وكانت به آيات حسنكم تتلى وقد أورد له ابن واصل عدة قصائد، ووصفه بالذكاء والفضيلة والكرم، إلى أن قال: وفي سابع جمادى الأولى عقد عزاؤه بدمشق بالجامع لما ورد الخبر بمقتله، قال: وصورته على ما ثبت بالتواتر أن هولاكو لما بلغه مقتل كتبغا، ثم كسرة أصحابه بحمص، أحضر الناصر وأخاه وقال للترجمان: قل له أنت