زهراء الصوفي، وهو أبو بكر بن علي الطريثيثي الصوفي، برباطنا قد أعد لنفسه قبراً إلى جانب قبر بشر الحافي، وكان يمضي إليه في كل أسبوع مرة، وينام فيه، ويقرأ فيه القرآن كله. فلما مات أبو بكر الخطيب، وكان قد أوصى أن يدفن إلى جنب قبر بشر الحافي، فجاء أصحاب الحديث إلى أبي بكر بن زهراء وسألوه أن يدفنوا الخطيب في قبره وأن يؤثره به، فامتنع وقال: موضع قد أعددته لنفسي يؤخذ مني؟! فلما رأوا ذلك جاؤوا إلى والدي أبي سعد، وذكروا له ذلك، فأحضر أبا بكر فقال: أنا لا أقول لك أعطهم القبر، ولكن أقول لك لو أن بشراً الحافي في الأحياء، وأنت إلى جانبه، فجاء أبو بكر الخطيب ليقعد دونك، أكان يحسن بك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا، بل كنت أقوم وأجلسه مكاني. قال: فهكذا ينبغي أن تكون الساعة. قال: فطاب قلبه، وأذن لهم فدفنوه في ذلك القبر.
وقال أبو الفضل بن خيرون: جاءني بعض الصالحين وأخبرني لما مات الخطيب أنه رآه في المنام، فقال له: كيف حالك؟ قال: أنا في روح وريحان وجنة نعيم.
وقال أبو الحسن علي بن الحسين بن جدا: رأيت بعد موت الخطيب كأن شخصاً قائماً بحذائي، فأردت أن أسأله عن الخطيب، فقال لي ابتداء: أنزل وسط الجنة حيث يتعارف الأبرار؛ رواها أبو علي البرداني في المنامات، له عن ابن جدا.
وقال غيث الأرمنازي: قال مكي بن عبد السلام: كنت نائماً ببغداد في ليلة ثاني عشر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربعمائة، فرأيت عند السحر كأنا اجتمعنا عند أبي بكر الخطيب في منزله لقراءة التاريخ على العادة، فكأن الخطيب جالس والشيخ أبو الفتح نصر بن إبراهيم الفقيه عن يمينه، وعن يمين الفقيه نصر رجل لم أعرفه، فسألت عنه، فقيل: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء ليسمع التاريخ، فقلت في نفسي: هذه جلالة لأبي بكر، إذ يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه. وقلت: وهذا رد لقول من يعيب التاريخ، ويذكر أن فيه تحاملا على أقوام.
وقال أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني: حدثني الفقيه الصالح أبو