١٠٧ - محمود بن المبارك بن أبي القاسم علي بن المبار ك، الإمام أبو القاسم الواسطي، ثم البغدادي، الشّافعي، الفقيه، المنعوت بالمُجِير.
تفقَّه بالنّظامية على أبي منصور الرّزاز، وأبي نصر المبارك بن زوما. وقرأ علم الكلام على أبي الفتوح محمد بن الفضل الإسفراييني، وعلى أبي جعفر عبد السّيد بن علي ابن الزَّيتُوني. وتقدم على أقرانه. وكان المُشار إليه في وقته. تخرَّج به خلق. وكان من أذكياء العالم.
وُلِد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع من أبي القاسم بن الحصَين، وأبي بكر الأنصاري، وأبي القاسم ابن السَّمَرقَندي، وجماعة. وحدث ببغداد، وواسط، وأعاد في شبيبته للإمام أبي النّجيب السُّهرُوَرديّ بمدرسته. وسار إلى دمشق، ودرس بها وناظر، واستدلّ؛ وتخرَّج به جماعة. ثم رجع ودرس بشِيراز، وبعسكر مُكرَم، وواسط. ووُلَي تدريس النّظامية ببغداد، وخُلِع عليه خِلعة سوداء، بطَرحة، وحضر درسَه العلماءُ وأرباب الدّولة كلّهم، وكان يومًا مشهوداً. ونُفِّذ رسولًا إلى هَمَذان، فأدركه أَجَلُه بها.
قال أبو عبد الله الدُّبيثي: برع في الفقه حتى صار أوحد زمانه، وتفرَّد بمعرفة الأصول والكلام. قرأت عليه بواسط عِلم الأصول، وما رأيت أجمع لفنون العِلم منه، مع حُسن العبادة. قال: وخرج رسولًا إلى خُوارزم شاه إلى أصبهان، فمات في طريقه بهَمَذَان في ذي القعدة.
وقال الموفَّق عبد اللّطيف: وكان بالنّظاميّة المُجِير البغدادي، وكان ضئيلاً، طُوالاً، ذكياً، دقيق الفَهم، غوّاصًا على المعاني، غير منفعلٍ عند المناظرة يُعِدّ لها كلّ سلاح، ويستعمله أفضل استعمال. وكان يشتغل في الخفية بالهندسة، والمنطق، وفنون الحكمة على أبي البركات اليهوديّ كان، ثمّ أسلم في آخر عمره وعمي، وكان يُملي عليه وعلى جماعة، منهم ابن الدّهان المنجّم، ومنهم والدي، ومنهم المهذَّب ابن النّقاش كتاب المعتبر له. هذا حكاية ابن الدهّان لي بدمشق. وكان شيخًا فاضلاً، بنى له نور الدّين المارِستان